للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ثُمَّ نَسِيَهَا) فيه دَليل عَلى جَوَاز قَول الإنسَان: نسيت [آية كذا، أو سورة كذا من غير كراهة، أما ما رواه مسلم: "بئسما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت] (١) بَل هوَ نُسِّي" (٢).

قَال المازري: أولى (٣) مَا يُؤَوَّلُ به أن يَكونَ هذا مِن ذَم الحال و [كراهته، لا ذم] (٤) القول، أي: بئستِ الحَالة والصِّفة لمن أُوتي القرآن أن يغفل عنهُ حتى نَسيهُ، فقال: نَسيته وهوَ لم ينسَ مِنْ قبَل نفسه، إذ ليْسَ النسْيان من فِعله، لكنَّهُ مِن فِعْل الله الذي نَساهُ إيَّاهُ عُقوبة لإعراضه عنهُ واستخفافه بحقه، وحكاهُ النوَوي عَن القاضي عياض وقال: يُكرَهُ أن يَقول نَسيت آية كَذَا وَكذَا كَرَاهة تَنزِيه انتَهى (٥).

قال شارح "المصَابيح": قولهُ في الحَديث: "فَلَمْ أرَ ذَنبًا أعظم" أي: مِن سَائر الذنوب الصَّغَائر؛ لأن نسيَان القرآن مِنَ الحفظ لَيْسَ بِذَنب كبير، إن لم يَكن مِن استخفاف وقلة تَعظيمه للقرآن، وإنما قال عليه السلام هذا التشديد العَظيم تَحريضًا منهُ على مُرَاعَاة حِفظ القُرآن (٦).

* * *


(١) من (د، م).
(٢) "صحيح مسلم" (٧٩٠) (٢٢٩).
(٣) في (ص): أول.
(٤) في (ص، س، ل): كراهية ذم.
(٥) "إكمال المعلم" ٣/ ١٥٥، وانظر: "شرح النووي على مسلم" ٦/ ٧٦.
(٦) انظر: "نيل الأوطار" ٢/ ١٥٩ فقد نقل الكلام برمته، و"مرعاة المفاتيح" ٢/ ٤٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>