للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخَر عَلَيهم البَاقي وهُم تحته، فلما سَقَط الصَّرْح تبلبَلت ألسُن الناس مِنَ الفَزع يَومئذ، فتكلموا بِثلاثة وسبعينَ لسَانًا، فلذَلك سُميَت ببَابل، وكانَ الناس كلهم قَبل ذَلك يتكَلمون بالسريانية (١).

وفي الحَديث دلالة عَلى كراهَة الصَّلاة في أرض بَابل لهذا الحَديث، وهوَ وإن كانَ في رجَاله مَنْ تكلم فيه، فالأولى أن يسْتدل له بما روَاهُ ابن أبي شيبَة مِنْ طَريق عَبد الله بن أبي المحل بضَم الميم وكَسْر الحَاء المهملَة وتشديد اللام، قَال: كنا مَعَ عَلي فمررنا بأعلى الخَسْف الذي بَبابل، فلم يصل حَتى أجَازَهُ (٢)، أي: تعداهُ.

ومِن طَريق أخرى عن علي قال: مَا كنت لأصَلي في أرض خَسف اللهُ بهَا ثلاث مرار (٣) والظاهِر أن قوله: ثلاث مِرَار. لَيْس متعَلقًا بالخَسْف؛ لأنه ليسَ فيهَا إلَّا خَسْف وَاحد، وإنما أرَادَ أن عليًّا قال ذَلكَ ثلاثًا، والمرادُ بالخَسْف مَوضع صَرح نَمرود المتقدم ببَابل، وليْسَ الخَسْف المذكورُ هُوَ سَبَبُ كَراهَة الصَّلاة في بَابِل، بَل الخَسْف مسَبَب (٤)، والسبب هو الكفر الذي وقع فيها مِنَ النمرود وأتباعه، أو الكفر الذي أنزلهُ اللهُ في أرض بَابِل (٥) على الملكين كما نَطَقَ اللهُ تَعالى به في قوله


(١) "تفسير البغوي" ٥/ ١٦.
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" ٥/ ١٨٥ (٧٦٤٠).
(٣) في (م): مرات. وهو كذلك في "مصنف ابن أبي شيبة" ٥/ ١٨٤ (٧٦٣٨).
(٤) في (ص): سبب.
(٥) هذه العبارة شديدة، وليس من الأدب مع الله أن نقول: الكفر الذي أنزله الله. ولو قال: الذي امتحن الله به. لكان حسنًا. أو لو ذكر الآية فقط لكان خيرًا له.

<<  <  ج: ص:  >  >>