بِحِينِ الصَّلاةِ وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رِجالًا يَقُومُونَ عَلَى الآطامِ يُنادُونَ المُسْلِمِينَ بِحِينِ الصَّلاةِ حَتَّى نَقَسُوا أَوْ كادُوا أَنْ يَنْقُسُوا". قال: فَجاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنصارِ فَقال: يا رَسُولَ اللهِ إِنِّي لَمّا رَجَعْتُ - لِما رَأَيْتُ مِنَ اهْتِمامِكَ - رَأَيْتُ رَجُلًا كَأَنَّ عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ أَخْضَرَيْنِ فَقامَ عَلَى المَسْجِدِ فَأَذَّنَ ثمَّ قَعَدَ قَعْدَةً ثُمَّ قامَ فَقال مِثْلَها إِلا أَنَّهُ يَقولُ: قَدْ قامَتِ الصَّلاة وَلَوْلا أَنْ يَقُولَ النّاسُ -قال ابن المُثَنَّى: أَنْ تَقُولُوا - لَقُلْتُ: إِنِّي كُنْت يَقْظانًا غَيْرَ نائِمٍ. فَقال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وقال ابن المُثَنَّى: "لَقَدْ أَراكَ اللُّه خَيرًا". وَلَمْ يَقلْ عَمْرٌو: "لَقَدْ أَراكَ اللُّه خَيرًا فَمُرْ بِلالًا فَلْيُؤَذِّنْ". قال: فَقال عُمَرُ: أَما إِنِّي قَدْ رَأَيْت مِثْلَ الذِي رَأَى وَلَكِنِّي لَمّا سُبِقْتُ اسْتَحْيَيْتُ. قال: وَحَدَّثَنا أَصْحابُنا قال: وَكانَ الرَّجُلُ إِذا جاءَ يَسْأَلُ فَيُخْبر بِما سُبِقَ مِنْ صَلاتِهِ وَإنَّهُمْ قامُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَيْنِ قائِمٍ وَراكِعٍ وَقاعِدٍ وَمُصَلٍّ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن المثَنَّى: قال عَمْرٌو وَحَدَّثَنِي بِها حُصَينٌ، عَنِ ابن أَبِي لَيْلَى حَتَّى جاءَ مُعاذٌ. قال شُعْبَة: وَقَدْ سَمِعْتُها مِنْ حُصَيْنٍ فَقال: لا أَراهُ عَلَى حالٍ إِلَى قَوْلِهِ كَذَلِكَ فافْعَلُوا. قال أَبُو داودَ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ قال: فَجاءَ مُعاذٌ فَأَشارُوا إِلَيْهِ -قال شُعْبَةُ وهذِه سَمِعْتُها مِنْ حُصَيْنٍ- قال: فَقال مُعاذٌ: لا أَراهُ عَلَى حالٍ إِلا كُنْتُ عَلَيْها. قال: فَقال إِنَّ مُعاذًا قَدْ سَنَّ لَكمْ سُنَّةً كَذَلِكَ فافْعَلُوا. قال: وَحَدَّثَنا أَصْحابُنا أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمّا قَدِمَ المَدِينَةَ أَمَرَهُمْ بِصِيامِ ثَلاثَةِ أَيّامٍ ثُمَّ أُنْزِلَ رَمَضان وَكانُوا قَوْمًا لَمْ يَتَعَوَّدُوا الصِّيامَ وَكانَ الصِّيامُ عَلَيْهِمْ شَدِيدًا فَكانَ مَنْ لَمْ يَصُمْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} فَكانَتِ الرُّخْصَة لِلْمَرِيضِ والمُسافِرِ فَأُمِرُوا بِالصِّيامِ. قال: وَحَدَّثَنا أَصْحابُنا قال: وَكانَ الرَّجُل إِذا أَفْطَرَ فَنامَ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ لَمْ يَأْكُلْ حَتَّى يُصْبِحَ. قال: فَجاءَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ فَأَرادَ امْرَأَتَهُ فَقالتْ: إِنِّي قَدْ نِمْتُ فَظَنَّ أَنَّها تَعْتَلُّ فَأَتاها فَجاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصارِ فَأَرادَ الطَّعامَ فَقالوا حَتَّى نُسَخِّنَ لَكَ شَيْئًا فَنامَ فَلَمّا أَصْبَحُوا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هذِه الآيَةُ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} (١).
(١) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ١/ ٧٩، ٨٠، وابن حزم في "المحلى" =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute