للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من اتصف بذلك جازت إمامته من عبد وصبي وغيرهما، واستدل بقوله: "أقرؤهم" على أن إمامة الكافر لا تصح؛ لأنه لا قراءة له. (وكنت أقرؤهم لما كنت أحفظ) من كتاب الله تعالى (فقدموني).

يدل على أن من ارتضاه القوم وقدموه فهو أولى، وإنما قدموا عَمْرًا وهو صبي على (١) غيره من البالغين؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال لهم: "يؤمكم أقرؤكم" نظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا منه، والذي قال الأصحاب أن البالغ أولى من الصبي وإن كان أفقه وأقرأ؛ لأن البالغ مكلف فهو أحرص على المحافظة على حدودها، ولأنه مجمع على صحة الاقتداء به بخلاف الصبي، فقد كره الصلاة (٢) خلفه جماعة منهم الشعبي، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وأصحاب الرأي، والشافعي أجاز الصلاة خلفه في غير الجمعة (٣)، وأجاب الأصحاب عن هذا الحديث بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينص لهم على تقديم عمرو إنما هم فعلوه بعد رجوعهم من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - باجتهادهم وحملهم الحديث على عمومه.

فإن قلت: فيرد على الأصحاب احتجاجهم به في جواز إمامة الصبي، وأجاب السبكي بأن الجواز مستند إلى ذلك مع القياس فإن صلاته صحيحة في نفسه مع غلبة الظن بوصول الأخبار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ولو لم يكن جائزًا لما أقره، وأما كونه أفضل فلا يلزم.

(فكنت أؤمهم وعلي بردة لي صغيرة). والبردة كساء صغير مربع،


(١) زاد في (م): من.
(٢) سقط من (م).
(٣) نقل هذه الأقوال عن أصحابها ابن المنذر في "الأوسط " ٤/ ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>