للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جواب ذي اليدين كان بعض ذلك كما لـ "الموطأ" (١) ومسلم (٢) دليل لقاعدة عظيمة بديعة، اتفق عليها أهل المعاني والبيان أن النفي إذا سلط على كل أو كانت في حيزه، فإنه يكون النفي حينئذٍ لنفي الشمول عن المجموع لا لنفي الحكم عن كل فرد فرد، وإن أخرجت كل من حيز النفي بأن قدمت عليه لفظًا ولم تكن معمولة للفعل المنفي توجه النفي إلى أصل الفعل وعم حينئذٍ كل ما أضيف إليه كل، فكان للسلب عن كل فرد فرد.

والاحتجاج لهذِه القاعدة بهذا الحديث من وجهين: أحدهما: ما تقدم من أن السؤال بأم عن أحد الأمرين لطلب التعيين (٣) بعد ثبوت أحدهما عند المتكلم على وجه الإبهام، فجوابه إما بالتعيين أو بنفي كل واحد منهما [فلما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل ذلك لم يكن" كان جوابه لنفي كل واحد منهما] (٤)، لكن بالنسبة إلى ظنه - صلى الله عليه وسلم - فلو كان تقديم كل على المنفي إنما يفيد نفي الكلية لا نفي الحكم عن كل فرد لكان قوله - صلى الله عليه وسلم - كل ذلك لم يكن غير مطابق للسؤال، ولا ريب في بطلانه.

والوجه الثاني: قول ذي اليدين في جواب هذا الكلام: قد كان بعض ذلك. وهو من العرب الفصحاء، فدل على أن المراد بكل ذلك لم يكن سلب الحكم عن كل فرد فرد لا عن المجموع؛ لأن الإيجاب الجزئي يقتضيه السلب الكلي. قال الجرجاني (٥): والعلة في ذلك أنك


(١) "الموطأ" (٢١١).
(٢) "صحيح مسلم" (٥٧٣) (٩٩).
(٣) من (س، ل، م).
(٤) من (س، ل، م).
(٥) "دلائل الإعجاز" ص ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>