للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دليل على خلاف ذلك، فيحمل على الاستحباب (وقال: إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب) التحري الطلب والاجتهاد في التحصيل والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول، وفي رواية لمسلم: "فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب". وفي رواية: "فليتحر الذي يرى أنه الصواب" (١).

وفيه دليل لأبي حنيفة (٢) وموافقيه من أهل الكوفة وغيرهم من أهل الرأي على أن من شك في صلاته في عدد ركعات فإنه يبني في ذلك على غالب ظنه ولا يلزمه الاقتصار على الأقل، والإتيان بالزيادة كما هو مذهب الشافعي (٣) وغيره، وظاهر هذا الحديث حجة لهم، ثم اختلف هؤلاء فقال أبو حنيفة (٤) ومالك (٥) في طائفة: هذا لمن اعتراه الشك مرّة بعد أخرى، وأما غيره فيبني على اليقين.

قال القرطبي: والجمهور ردوا هذا إلى حديث أبي هريرة، وهذا لم [تضم إليه] (٦) ضرورة تعارض إذ يمكن أن يحمل كل واحد من الحديثين على حالة غير الأخرى، فيحمل حديث أبي هريرة فيمن شك ويحمل هذا الحديث (٧) فيمن ظن، ولا تعارض بينهما، فإن قيل: الموجب لتأويل


(١) الروايتان في "صحيح مسلم" (٥٧٢/ ٩٠).
(٢) "المبسوط" للسرخسي ١/ ٣٨٢ - ٣٨٣.
(٣) "الأم" ١/ ٢٤٦.
(٤) "المبسوط" للسرخسي ١/ ٣٨٣.
(٥) "المدونة" ١/ ٢٢٠.
(٦) في (ص): تعم إلى.
(٧) من (س، م).

<<  <  ج: ص:  >  >>