للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(عَنْ أَبِيهِ) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني أخرج لهُ مُسلم والأربعة.

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: اتَّقُوا) أي: احذروا واجتنبوا (اللَاّعِنَيْنِ) بفتح نُون التثنية أي: الأمرين اللذين هما سببا اللعنة؛ لأن من فعلهما لعنه الناس غالبًا في العَادة، فلما صارا سببًا للَّعْن أضيف الفعْل إليهما؛ فنهي عنهما كما نهي عن سبّ الآلهة التي يعبدها الكُفار، مع أن سبها طاعة، لكن لما صَار سبّها سببًا لسبّ الله؛ نهي عن ذلك، كما قال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (١) وسمّي الفعل الذي هو سَبَب اللعنة لاعنًا؛ لأنه إذا حصلت اللعنة بسببه صار كأنهُ هو اللاعن، وقيل: اللاعن بمعنى الملعُون، كما قيل: سر كاتم أي: مَكتُوم، فيكونُ التقديرُ اتقوا الأمرين الملعُون فاعلهما (قَالُوا: وَمَا اللَاّعِنَانِ يَا رَسُولَ الله؟ ) فيه أن من سَمعَ شيئًا (٢) أمر به ولا يفهمه أن يسأل عنه، كما قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٣) (قَالَ: الذِي يَتَخَلَّى) أي: يتغوَط (في طَرِيقِ النَّاسِ) أي: في الموضع الذي يمرُ به الناس.

وزاد ابن منده في روايته: فقال: "في طريق الناس ومجالسهم"، ثم قال: إسناده صَحيح.

فظاهر كلام الأصحاب أن ذلك مكروه كراهَة تنزيه لا تحريم، وينبغي أن يكُون محرمًا للأحَاديث الواردة فيه بالنَهْي، ولما فيه من إيذاء


(١) الأنعام: ١٠٨.
(٢) في (ص): سبًا. تصحيف، والمثبت من باقي النسخ الخطية.
(٣) النحل: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>