للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جهة المزاوجة كقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (١).

(فإن أحب العمل إلى الله) تعالى (أدومه) أي: ما داوم عليه صاحبه.

(وإن قل) وإنما قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك خشية الإملال اللاحق بمن انقطع عن العبادة، وقد ذم الله تعالى من التزم فعل البر ثم قطعه بقوله تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} (٢) وابن عمر لما ضعف عن العمل ندم على مراجعته - صلى الله عليه وسلم - في التخفيف عنه، وقال: ليتني قبلت رخصة النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣).

وفيه دليل على فضيلة الدوام على العمل، وفيه بيان شفقته ورأفته - صلى الله عليه وسلم - بأمته؛ لأنه أرشدهم إلى ما يصلحهم، وهو ما يمكنهم الدوام عليه بلا مشقة؛ لأن النفس تكون فيه أنشط، ويحصل منه مقصود الأعمال، وهو الدوام عليها بخلاف ما يشق عليه؛ لأنه معرض لأن يترك كله أو بعضه، أو يفعله بكلفة فيفوته الخير الكثير (٤) وإن قلّ ذلك العمل ودام فهو خير مما كثر وانقطع.

(وكان إذا عمل عملًا أثبته) أي: لازمه وداوم عليه، وفي "صحيح مسلم" من حديث عائشة - رضي الله عنها -: كان آل محمد إذا عملوا عملًا أثبتوه (٥). ولمسلم عن القاسم بن محمد: كانت عائشة إذا عملت العمل لزمته (٦).


(١) الشورى: ٤٠.
(٢) الحديد: ٢٧.
(٣) أخرجه البخاري (١٩٧٥)، ومسلم (١١٥٩) (١٨٢).
(٤) في (م): كله.
(٥) "صحيح مسلم" (٧٨٢) (٢١٥).
(٦) "صحيح مسلم" (٧٨٣) (٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>