للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاعله لازمًا ففعوله مثله كنَائم ونؤوم، وصَابر وصَبُور وشاكر وشكور، وما كانَ فاعله متعديًا ففعُوله مثله في التعدي كقابل وقبول (١) وضارب وضَرُوب وشاتم وشتوم، وأصل هذا أن صيغة فعول لا تنبني (٢) إلا من فعل ثلاثي مجرد عن الزيادة والفعل في مسألتنا طهر وهو قاصرٌ وطهوُر مثله، وأجَابَ عنه القاضي بأنه لابد أن يكون لفعول صفة (٣) زائدة على فاعله، ألا ترى أنك تقول: نائم لمن وُجِدَ منه النوم، ونؤومٌ لمن كَثُر منه النَوم وكذلك صَابر لمن صَبر مرة. وصَبور لمن تكرر منه الصَّبر. ولما كانت المياه طَاهرة لم يكن بد أن يجعَل في الطهور مزية على طاهر، وليست تلك المزية إلا تعديها للتَّطهير وأيضًا فلا يقالُ: "نائم" إلا لمن وجد منه النوم، وكذلك قاتل وشاتم ولا يوصف صَاحبه بذلك إلا بعد وجوده منه، وأمَّا الماء فيقال فيه: طَهور قبل أن يوجد منه التطهير، فكان بمنزلة قولنا: سُحور وفطُور لما يُتَسَحَّر به ويفطر عليه، فكذلك طهور لما يتطهر به.

وقد أورد هذا بَعض المتأخرين فقال: لا شك أن مجرد بنائه على فعول لا يُوجب تعديه كما قال السَّائل لكنَّا نقول: استقر لفظ طهُور في عُرف اللغة إنما يُطلق على ما يتطهر به فهو اسم للآلة التي يفعَل بها كالبخور والغسُول لما يتبخر بهِ ويغتسل به، فصَار كاللقب على ذلك لا أصل بنائه (٤) فقط، كقوله عليه الصلاة والسَلام: "جُعلت لي الأرض


(١) في (م): كقاتل وقتول.
(٢) في (ص): يثني. وفي (د، س): تبنى.
(٣) في (ص، ل): لمفعول نعم.
(٤) في (د): بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>