للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- رضي الله عنه -، وأنه حلال، فلم يحرمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه تصريح بأن الحكم بالتحليل والتحريم من الله تعالى، وإنما الرسول مبلغ عن الله تعالى، ويستدل به من منع من اجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأحكام، ومن منع جواز تفويض الأحكام للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا حجة فيه؛ لأن اجتهاد المجتهد لا يوجب الأحكام، وإنما يظهرها من النصوص كما هو مقرر في كتب الأصول، ويقيد هذا أن حكم الله تعالى على علي وعلى غيره التخيير من نكاح ما طاب له من النساء الأربع، وإنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما لعلتين منصوصتين: أحدهما أن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة فيتأذى حينئذٍ النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهلك من آذاه، فنهى عن ذلك لكمال شفقته على علي وعلى فاطمة، والثانية خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة، قال الداوودي: فيه دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اشترط على علي، ولعله إن صح ذلك أن يكون علي تطوع به بعد العقد وقبل.

(ولا أحل حرامًا) ولعله قاله استطرادًا لما قبله (ولكن والله) أقسم بالله على المستقبل ثقة بالله أن يبر قسمه (لا تجتمع بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وقد ذكر أبو علي السبخي في "شرح التلخيص" أنه يحرم التزوج على بنات النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي: كل من تنسب إليه بالبنوة (١). (وبنت عدو الله) فيه دليل على أن الأصل أن ولد الخبيث خبيث وولد العدو عدو، إلى أن يتبين خلاف ذلك، وفيه بقاء عار الآباء في أعقابهم بقوله: "بنت عدو الله" مع كونها مسلمة كما سبق، وكذلك الخير والشرف في الدين يبقى في العقب، كقوله تعالى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} (٢)، وقد استنبط بعض


(١) "فيض القدير" ٤/ ٥٥٤.
(٢) الكهف: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>