للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن صفة (١) فعُول تقتضي التكرار كالقطوع للسَّيف والضروب للرجُل فيقتضي ذلك تكرار التطهر به، فيدخل فيه الماء المستعمل (٢)، وقيل في الآية أنه جعَل الماء مُطهرًا، ولم يفرق بيَن أن يُستعمل وبين أن لا يُستعمل، فوجب أن تثبت له الصفة ما دَام ماء، وهذا يجيء مثله في لفظ الحَديث.

وأجَاب القاضي أبو الطيب طاهر الطبَري بأنه أراد أنه معد للطهَارة كما نقول: فطُور وسُحور؛ لأنه معدٌّ لذلك، والدليل على ذلك أنه سَماهُ طهورًا قبل أن يتطهر به.

قال ابن دَقيق العيد: والاستدلال بالآية أقرب من لفظ الحديث؛ لأن لفظ الحَديث اسم جنس مُضاف يقع على قليله اسم كثيره، وبالعَكس فيقتضي أن يضاف الحكم بالطَّهورية إلى كل ما يُسمى ماء البحر، وألفاظ العموم كلية، أي: يثبت الحكم في كل فَرد مِن أفراد ألفاظ العموم، فيقتضي ذلك أن يكون كل جُزء مما يُطلق عليه اسم ماء البحر يحكم (٣) له بالطهُورية، فإذا سلم الخصم اقتضاء الصِّيغة للتكرار لزم ذلك في كل جُزء.

فإن قيل: يمكن أن يُجاب عن التكرار بأن الماء يتردَّد على العضو، فملاقاته لأول جُزء طهره ثم ينتقل إلى الجزء الثاني مِنَ البَدَن فيطَهرُه، فيحصُل تكرار التطهير بالجُزء المُعَين مِنَ الماء بخلاف الوجه الذي


(١) في (م): أنه صيغة.
(٢) "أحكام القرآن" لابن العربي ٣/ ٤٣٨.
(٣) في (م): فحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>