للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثَّاني: أن البحر في إهلاكه لراكبه كالنار في الصفة، ولهذا يقال: السُّلطان نار، أي: فعله يهلك كما تهلك النار، واستدلوا (١) بهذا الحَديث على أن الماء المتغير بقذارة طهور بناء على أن الأصل في ماء البحر العذوبة وتغيره بسبب مروره على أجزاء من الأرض سَبخة مَالحة. وهذا الاستدلال يتوقف على إثبات هذِه المقدمَة، أي (٢) أن الأصل فيه العذُوبة، وتغيره باعتبار المرور، وقد ذكر ذلك عن غير واحد من الفضلاء، ولكنه أمر لابد من إثباته بدليل يدل عليه إذا نوزع فيه، فإن الله تعالى سمَّاهُ ملحًا بقوله تعالى: {وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} (٣) وأصل التّسمية به تدل على أن هذا الوصف لازم له لا عارض (٤).

وهذا الحَديث مذكور (٥) في علم الأصول في مسألة العَام الوارد على سَبَب خاص، حيث قالوا: إن الجَواب إذا كان مُستقلًا عن السؤال عَامًّا في لفظه لا يتقيد بسببه من حيث أن العموم إنما خَصصهُ ما يناقض عُمومه، وليس في ورود العَام على سَبَب خاص ما يناقض عمومه، وذكروا خلاف الشافعي في هذِه المسألة، وإنما ننبه فيها على شيء يغلط فيه بعضهم بسببه، وذلك أن السؤال والجَواب قد يكون اتساقهما وسياقهما مقتضيًا للتخصيص وقد لا يكون، فإن كان الأول اقتضى ذلك التخصيص؛ لأن السِّياق مُبين للمجملات مرجح لبَعْض المحتملات مُؤكد


(١) في (د): استدل.
(٢) في (د): أعني.
(٣) فاطر: ١٢.
(٤) سقط من (ص).
(٥) في (م): المذكور.

<<  <  ج: ص:  >  >>