للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكأن هؤلاء فهموا من "لا" النهي عما سئل عنه وحذف بعد قوله: "لا"، فكأنه قال: لا تعزلوا، و"عليكم أن لا تفعلوا" (١) تأكيد لذلك النهي. وفهمت طائفة أخرى منها الإباحة وكأنها جعلت جواب السائل قوله: "لا عليكم أن لا تفعلوا". أي: ليس عليكم جناح في أن لا تفعلوا.

قال القرطبي: هذا التأويل أولى بدليل قوله: "ما من نسمة كائنة إلا ستكون". ولقوله: "لا عليكم، إنما هو القدر". وبقوله: "إذا أراد خلق شيء لم يمنعه شيء". وهذِه الألفاظ كلها مصرحة بأن العزل لا يرد القدر ولا يضر، فكأنه قال: لا بأس. وبهذا تمسك من رأى إباحة العزل مطلقًا عن الزوجة والسرية سواء رضيا أم لا، وبهذا قال الشافعي ومالك وكثير من الصحابة والتابعين والفقهاء (٢).

قال الرافعي والنووي وغيرهما من أصحابنا: العزل في السرية جائز عندنا بلا خلاف (٣).

قال النووي: ما ادعياه من نفي الخلاف ليس كذلك، ففيه وجه أنه لا يجوز لحق الولد، حكاه الروياني في "البحر" قبل باب نكاح الشغار (٤). وأما العزل عن الحرة المنكوحة ففيه طريقان: أظهرهما أنه يجوز إن رضيت لا محالة، وإلا فوجهان الجواز (٥) أصحهما عند الغزالي


(١) زاد هنا: وعليكم. والأولى حذفها كما في "المفهم".
(٢) "المفهم" ٤/ ١٦٦.
(٣) "الشرح الكبير" ٨/ ١٧٨، و"روضة الطالبين" ٧/ ٢٠٥.
(٤) انظر "المجموع" ١٦/ ٤٢٣.
(٥) سقط من الأصل. والمثبت يقتضيه السياق؛ كما في مصادر التخريج.

<<  <  ج: ص:  >  >>