للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والغضب من صفات المخلوقين التي تعرض لهم (١)، والمراد من بغض الله الطلاق الزجر منه والتحذير عنه في غير ما بأس فيستدل به على كراهته كما سيأتي، وإنما عبر بالبغض للتقريب على الأفهام بالخطاب المتعارف الجاري على ألسنة العرب ووجوه الاستعارات صحيحة ثابتة عند أهل المعرفة.

[٢١٧٨] (ثنا كثير بن عبيد) الحمصي أبو الحسن، إمام الجامع، له معرفة ورحلة (ثنا محمد بن خالد) الوهبي أخو أحمد، وكان الأكبر، لا بأس به (عن معرف بن واصل، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) قال البيهقي: وفي رواية ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر موصولًا، ولا أراه يحفظه (٢) (قال: أبغض الحلال إلى الله الطلاق) استدل به على أن الطلاق مكروه، والظاهر أنها كراهة تحريم؛ لأنه ورد في هذا الحديث نهي مخصوص فيه بالتصريح ببغضه، وإنما يكون مبغضًا من حاجة إليه تقتضيه، وقد سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - حلالًا مع الكراهة.

قال القرافي: فسر الحلال بجواز الإقدام عليه، فيشمل الوجوب والندب والكراهة والإباحة، وعليه يحمل قوله - عليه السلام -: "أبغض المباح إلى الله الطلاق" فإن البغضة تقتضي رجحان الترك، والرجحان مع التساوي محال عندهم (٣). ولأنه مزيل للنكاح المشتمل على المصلحة


(١) سبق أن ذكرنا أن هذِه الصفات صفات حقيقية لله تعالى، ولكنها تنسب له تعالى على الوجه اللائق به دون أن تشبه الله بأحد أو صفة من صفات خلقه. والله أعلم.
(٢) "السنن الكبرى" ٧/ ٣٢٢.
(٣) "شرح تنقيح الفصول" ١/ ٧٠، "الذخيرة" ١/ ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>