للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قال: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة) بضم الحاء المهملة، وهي التي يحل وطؤها بالنكاح أو التسري، ومعنى تزاني أي: تحاول الزنا بزوجة جارك أو جاريته برضاها (جارك) أي: من يجاورك في المسكن أو الداخل في جوار العهد.

والزنا من الفواحش العظام، وإفساد المرأة على زوجها واستمالة قلبها للزنا بها أفحش من ذلك وأعظم ذنبًا وأعظم فحشًا أن الجار يتوقع من جاره الذب عنه وعن حريمه لما تضمن من خيانة الجار، وقد عظم فحش ذلك عادةً وشرعًا، وكانت الجاهلية يمتدحون حرمة الجار ويغضون دونهم الأبصار كما قال عنترة:

وأغض طرفي إن بدت لي جارتي ... حتى يواري جارتي مأواها (١)

(قال: وأنزل الله تعالى تصديق قول النبي - صلى الله عليه وسلم -) ظاهر هذا أن هذِه الآية نزلت بسبب هذا الذنب الذي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس كذلك، لأن الترمذي قد روى هذا الحديث وقال فيه: وتلا النبي - صلى الله عليه وسلم -: ({وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} (٢) الآية (٣) بدل: وأنزل الله. وظاهره أنه - عليه السلام - قرأ بعد ذكر هذا الحديث ما كان أنزل منها قبل ذلك على أن الآية تضمنت ما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديثه بحكم عمومها.

({وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ}) معطوف على ما قبلها من الأوصاف التي وصف بها عباد الرحمن، وهو من باب عطف الصفات بعضها على


(١) انظر: "العقد الفريد" ٦/ ٣، "نهاية الأرب" ١٥/ ٣٣٨.
(٢) الفرقان: ٦٨.
(٣) "سنن الترمذي" (٣١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>