للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أنَّه كان أراد سفرًا طويلًا فلما بلغ ثلاثة أميال قصر في الصلاة.

(فلما رجع إلى قريته) وكان نازلًا بالشام وبقي فيها إلى أيام معاوية. (قال: والله لقد رأيت اليوم) يحتمل أنَّه رجع إلى قريته في يومه ذلك (أمرًا ما كنت أظن أني أراه) فذلك (أن قومًا رغبوا عن هَدْي) بفتح الهاء وإسكان الدال على اللغة الفصحى (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: عن طريقته وسنته وأصحابه، وهو محمول عند الجمهور على أنَّه أراد أنهم رغبوا عن قبول الرخصة في الإفطار في السفر مطلقًا أصلًا لا في السفر المقيد بثلاثة أميال (يقول ذلك للذين صاموا) في السفر ولم يفطروا.

(ثمَّ قال عند ذلك: اللهم اقبضني إليك) فهو محمول على أنَّه خشي بعد ذلك حصول فتنة في الدين؛ لأنه يجوز لمن خاف الفتنة في دينه أن يدعو على نفسه بالموت؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي أخرجه الإمام مالك: "وإذا أردت بقومٍ فتنة فاقبضني إليك غير مفتون" (١). كما حمل ما روي عن عمر بن الخطّاب، وعليّ، وعمر بن عبد العزيز تمنوا، على أنهم خشوا الفتنة والعجز عن القيام بما تأولوه، وأجاب الله دعاء عمر قبل انسلاخ الشهر، وأما لغير (٢) خوف الفتنة فلا يجوز تمني الموت بل يكره تمنيه لضر نزل به لما في الصحيحين (٣): أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه؛ فإن كان ولابد قائلًا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة


(١) "موطأ مالك" (٥٠٨).
(٢) من (ل).
(٣) "صحيح البخاري" (٥٦٧١)، "صحيح مسلم" (٢٦٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>