للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما ما يتعلق بالصَّلاة فلا بد من حَديث النفس فيما يتعلق بأمر الآخرة من مَعَاني المتلو والدَعوَات والأذكار وغَير ذلك، ونقل عيَاض عن بَعضهم أن المراد من لم يحَصُل له حَديث النفس أصْلًا ورأسًا، وردَّهُ النووي (١) فقال: الصَّواب حُصُول هذِه الفضيلة مع طرءان الخوَاطر العَارضة (٢) غير المُستقرة، نعَم من اتفق أن يحصُل لهُ عدم حَديث النفس أصْلًا أعلى درجة بلا ريب، ثم إن تلك الخَواطِر مِنهَا ما يتعَلق بالدنيا، والمراد دَفعهُ مُطلقًا.

ووقع في رواية للحكيم الترمذي في هذا الحَديث: لا يُحدث نفسه بشيء من الدنيا ومِنها مَا يتعلق بالآخِرَة، فإن كانَ أجنبيًّا أشبه أحَوال الدُّنيا، وإن كانَ مِن متَعلقات تلك الصَّلاة فلا، وقد روي (٣) عن عمر: إني لأجهز الجيش وأنا في الصَّلاة (٤). وهذِه قربة، إلا أنها أجنبية عن مَقصُود الصَّلاة، وإنما هذِه الفَضيلة في هذا الحَديث [لمن يجاهدُ] (٥) نفسهُ من خطرات النفس ونفيها عنه.

(غَفَرَ الله لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ظاهره يعم الصَّغائر والكبائر، لكن العُلماء خصوهُ بالصَّغائر، لوروده مقيدًا بقوله: "ما اجتنبت (٦) الكبَائر".

وهذا في حَق من لهُ صغائر وكبائر، أما من ليس له إلا صغائر فيكفر عنهُ، ومن لهُ كبائر ليس إلا خفف عنهُ منها بمقدار ما لصَاحِب


(١) "شرح النووي على مسلم" ٣/ ١٠٨ - ١٠٩.
(٢) في (م): المعارضة.
(٣) في (د، م): ورد.
(٤) "إحكام الأحكام" ١/ ٨٦.
(٥) في (ص، س، ل): من جاهد.
(٦) في (م): اجتنب.

<<  <  ج: ص:  >  >>