للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أن إسماعيل بن أمية القرشي حدثه أنه سمع أبا غَطَفان) بفتح الغين المعجمة، اسمه سعد بن طريف بالفاء آخره المُرِّي بضم الميم وتشديد الراء. (يقول: سمعت عبد الله بن عباس يقول حين صام النبي -صلى الله عليه وسلم- عاشوراء وأمر بصيامه) استدل به أبو حنيفة وغيره على أن صيام عاشوراء كان واجبًا أول الإسلام ثم نسخ (١)، والصحيح الذي رجع إليه الشافعي أنه لم يكن واجبًا قط لما ثبت في الصحيحين عن معاوية أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على المنبر يقول: "إن هذا اليوم يوم عاشوراء لم يكتب عليكم صيامه" (٢). فدل على أنه لم يجب قط؛ فإن (لم) حرف ينفي الماضي، وأما الأحاديث الواردة بالأمر به فمحمولة على تأكيد (٣) الاستحباب (٤).

(قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى)؛ لأن الله أنجى فيه موسى وأهلك فيه فرعون كما تقدم، (فقال رسول الله: فإذا كان العام المقبل صمنا يوم التاسع) ظاهره أنه كان عزم على أن يصوم التاسع بدل العاشر، وهذا هو الذي فهمه ابن عباس حتى قال في الحديث الذي بعده عن صوم عاشوراء، فإذا كان اليوم التاسع فأصبح صائمًا كما سيأتي، وبهذا تمسك من يراه التاسع، والظاهر من الحديث أنه ليس فيه دليل على أن يترك صوم العاشر، بل وعد بأن يصوم التاسع مع العاشر.


(١) انظر: "البناية شرح الهداية" ٤/ ٣.
(٢) "صحيح البخاري" (٢٠٠٣)، "صحيح مسلم" (١١٢٩).
(٣) في (ر): تأكد.
(٤) انظر: "شرح النووي على مسلم" ٨/ ٤، "فتح الباري" لابن حجر ٤/ ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>