للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وترجيح من حيث المعنى أيضًا بأن صيام الدهر قد يفوِّت بعض الحقوق كما تقدم، وبأن من اعتاده لا يكاد يشق عليه صيامه بل تضعف شهوته عن الأكل، وتقل حاجته إلى الطعام والشراب نهارًا، ويألف أكله في الليل بحيث يتجدد له طبع زائد بخلاف من يصوم يومًا ويفطر يومًا؛ فإنه ينتقل من صوم إلى فطر ومن فطر إلى صوم (١).

ونقل الترمذي عن بعض أهل العلم أنه أشق الصوم (٢).

ومن رجح صوم الدهر يؤول هذا أن أحب الصيام في حق عبد الله بن عمرو (وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود) -عليه السلام-؛ لأنه كان أعبد الناس كما تقدم (كان ينام نصفه) وفي حديث ابن عباس في صفة تهجده -صلى الله عليه وسلم- أنه نام حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل، ثم استيقظ (ويقوم ثلثه) أي: السدس الرابع، والسدس الخامس. فيه دليل على أن المتهجد إذا قسم الليل أثلاثًا، فالثلث الذي بعد النصف الأول أفضل [لهذا الحديث، ورجح جماعة الثلث الأوسط] (٣) للحديث المتفق عليه: "ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا حتى يبقى ثلث الليل الآخر" (٤).

(وينام سدسه) ليستيقظ لصلاة الصبح بنشاط (وكان يفطر يومًا ويصوم يومًا) هذا تفسير لصيام داود -عليه السلام-.

* * *


(١) "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ٢٢٣).
(٢) "سنن الترمذي" (٣/ ١٤٠).
(٣) زيادة من (ل).
(٤) "صحيح البخاري" (١١٤٥)، "صحيح مسلم" (٧٥٨) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>