للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتهلكة أي: أخذ في فعل يهلكه.

وقد اختلف العلماء في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدو وحده، على الجيش العظيم، على وجهين:

أحدهما: يلزمه الفرار، ولا يجوز الدخول فيهم؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، ولهذا الحديث.

والثاني: لا يلزم الفرار ولا بأس بالثبوت، لقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} (١) ولما روي: أن رجلًا قال: يا رسول الله، أرأيت لو انغمست في المشركين فقاتلتهم حتى قتلت دخلت (٢) الجنة؟ قال: "نعم"، فانغمس في صف المشركين وقاتل حتى قتل (٣).

وحكى الرافعي عن الإمام أنه إن كان في الثبات الهلاك المحض من غير نكاية في الكفار لزم الفرار، وإن كان في الثبات نكاية فيهم ففي جواز المصابرة الوجهان (٤).

قال محمد بن الحسين: لو حمل واحد على ألف رجل من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نكاية العدو، وإلا فمكروه؛ لأنه عرض نفسه للتلف من غير منفعة المسلمين، فإن كان قصده (٥) تجرئة المسلمين عليهم حتى يفعلوا مثل فعله فلا يبعد


(١) البقرة: ٢٠٧.
(٢) في (ل): إلى.
(٣) أخرج نحوه البخاري (٤٠٤٦)، ومسلم (١٨٩٩) من حديث جابر بن عبد الله.
(٤) "نهاية المطلب في دراية المذهب" ١٧/ ٤٥٤.
(٥) في (ر): وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>