للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"المحكم" (١) أما بعد دعائي لك، وقيل: أما بعد الكلام المتقدم (فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -) كان ينادي عند النفير والفزع من العدو: يا خيل الله اركبي.

قال صاحب "الغريبين": قوله: يا خيل الله اركبي من مختصر الكلام، أراد: يا ركاب خيل الله، فحذف اختصارًا أو اقتصارًا على علم المخاطب كما قال: "لا يفضض الله فاك" (٢)، قال: وإنما أراد: أسنانك التي في فيك، فأقام الفم مقام الأسنان (سمى) النبي - صلى الله عليه وسلم - (خيلنا) المعدة للجهاد في سبيل الله (خيل) بالنصب قوة الله (الله).

قال ابن الأثير: كناية عن طريق النجاة، أي: هذا من باب استعارة المحسوس للمعقول أو الاستدلال بالشاهد على الغائب، فكأنه أراد بقوله: يا خيل الله، يا قوة الله؛ لأن من أراد القوة على قتال العدو ركب الخيل الفحول التي هي (٣) سبب للقوة على العدو، فمن أراد الظفر بالعدو فليستعن بقوة الله، كما قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} (٤) قال عكرمة: القوة: ذكور الخيل، ورباط الخيل: إناثها (٥). وتظهر هذِه الاستعارة في (٦) قوله تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} (٧)؛ لأن العروة عبارة عن الشيء الذي يستمسك به؛ لأن من أراد إمساك شيء تعلق بعروته،


(١) "المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده ٢/ ٣٣.
(٢) جزء من حديث رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" (٨٩٤)، وتمام في "الفوائد" ٢/ ١٨٥ (١٤٨٤).
(٣) سقط من (ر).
(٤) الأنفال: ٦٥.
(٥) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" ٤٦١٤ (٤٣٠٧).
(٦) ساقطة من (ل).
(٧) البقرة: ٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>