للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما تأخر، وقد جمعها المنذري وغيره.

وقد استشكل هذا بعضهم؛ لأن فيه إباحة مطلقة للذنوب المستقبلة وهو خلاف قاعدة الشرع.

فقيل: معناه الغفران لهم في الآخرة وإلا فلو توجه على أحد منهم حدّ وغيره أقيم عليه في الدنيا، ونقل القاضي عياض الإجماع على إقامة الحد (١). فأقامه عمر على بعضهم، وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - مسطحاً الحد وكان بدريًّا، وقيل: ليس هو للاستقبال بل للماضي، تقديره: أي عمل كان لكم فقد غفرته، وهو ضعيف؛ لأن هذا الصادر من حاطب كان في المستقبل من بعد بدر، فلو كان للماضي لم يحسن التمسك به هنا (٢)، وقيل: هو خطاب إكرام وتشريف أي: هؤلاء القوم حصلت لهم حالة غفرت لهم بها ذنوبهم السابقة وتأهلوا بها أن يغفر لهم ذنوب لاحقة إن وقعت منهم.

وقد استدل ابن قيم الجوزية بهذا الحديث على أن الكبيرة العظيمة مما دون الشرك قد تكفر بالحسنة الكبيرة؛ لأن الحسنة العظيمة [التي هي شهود بدر مكفر (٣) لهذِه المكاتبة، فإن الذي اشتلمت عليه الحسنة العظيمة] (٤) خير وتضمنته من محبة الله لها ورضاه بها ومباهاته لملائكته بفاعلها أعظم مما اشتملت عليه سنة المكاتبة من المفسدة فغلب الأقوى الأضعف فأزاله وأبطل مقتضاه، وهذِه حكمة الله في


(١) "إكمال المعلم" ٧/ ٥٣٩.
(٢) ساقطة من (ر).
(٣) في (ل): مكفرًا والمثبت هو الصواب.
(٤) ساقطة من (ر).

<<  <  ج: ص:  >  >>