للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيدخل في عموم هذا الحديث الاصطفاف في الصلاة وفي القتال، وقيل:

المراد بالاصطفاف استواء الثبات في الحرب حتى يكونوا في اجتماع

الكلمة وموالاة بعضهم كالبناء كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "أمتي كالبنيان يشد بعضه

بعضًا" (١). ذكر أبو عبيد الهروي في حديث آخر: "كثبوكم"، وقال: فلعلهما لغتان (إذا أكثبوكم) أي: كاثروكم كرواية البخاري وأبي (٢) داود، وهذا التفسير ليس معروفًا في اللغة، والمعروف: قاربوكم من الكثب بفتح المثلثة وهو القرب، يقال: رماه من كثب. أي: قرب، والهمزة في أكثبوكم لتعدية كثب، فكذلك عداها إلى ضميرهم، لكن فسرها أبو داود بقوله: (يعني غشوكم) بضم الشين (فارموهم بالنبل) وهي السهام العربية، وهي لطاف ليست بطوال كسهام النشاب، والخشبان أصغر من النبل، وهي التي يرمى بها عن القسي الكبار في مجاري من خشب، واحدها خشبانة يريد إذا دنوا منكم بحيث يصلهم نبلكم فارموهم، ولا ترموهم على بعد، وهو معنى قوله: (واستبقوا نبْلكم) بسكون الموحدة، فإنه إذا رمى عن البعد سقط على الأرض أو في البحر فذهب سهام الرامي، ولم يحصل بها نكاية في العدو، وإذا صانها عن ذلك استبقاها لوقت الحاجة إليها عند القرب، وعلى هذا فقوله: ارموهم بالنبل ثلاث ببعض النبل، واستبقوا البعض للحاجة إليها عند القرب.


(١) رواه البخاري (٤٨١)، ومسلم (٢٥٨٥) من حديث أبي موسى الأشعري بلفظ: "المؤمن للمؤمن كالبنيان ... ".
(٢) في (ل)، (ر): وأبو. والمثبت هو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>