للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نفسه بالهبة وكأنه هو الواهب إذا كان هو السبب.

(فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنا لا ندري مَن أذِن منكم ممن لم يأذن) فيه أنه لابد من تعيين الواهب والمقرض والبائع ومعرفته، كما لا يصح بيع المجهول (فارجعوا حتى يَرفع إلينا عُرفاؤكم) جمع عريف، وهو الذي يعرف أمر القوم ويقوم بأمرهم، ويتعرف الأمير منه أحوالهم، فهو فعيل بمعنى فاعل، وفيه استحباب إقامة العرفاء على القوم فيقيم على كل قبيلة أو جماعة عريفًا يلي أمرهم، ويعرف الأمير أحوالهم (أمركم) ليعرف من أذن ممن لم يأذن (فرجع الناس) إلى رواحلهم (فكلمهم عرفاؤهم) في الإذن لهم أن يخبروا الإمام بأنهم طابت أنفسهم.

(فأخبروهم أنهم قد طيبوا) بفتح الطاء والياء المشددة كما تقدم، أي: طابت قلوبهم؛ فإن اللسان ترجمان القلب.

وفيه دليل على أن الهبة والقرض والبيع لا يصح بالمعاطاة، ولو كان حقيرًا ولا بد من الإيجاب والقبول الدال على ما في القلب.

قال البغوي (١): يستدل بهذا من يقبل إقرار الوكيل على الموكل؛ لأن العرفاء بمنزلة الوكلاء، وقد أطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- السبايا حين أخبره عرفاؤهم بأنهم طيبوا (وأذِنوا) من غير أن يرجع إلى الموكلين. وجوز أبو حنيفة (٢) إقرار الوكيل على الموكل في مجلس الحكم، ولم يجوزه الشافعي (٣).


(١) "شرح السنة" ١١/ ٨٨.
(٢) انظر: "النتف في الفتاوى" ٢/ ٧٨٠.
(٣) انظر: "الحاوي" ٦/ ٤٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>