للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وزجر له ولأمثاله لئلا يتجرأ الناس على الأمراء بالوقيعة فيهم، وفيه تأديب لهم بالمنع من الرد إليه، وكان له أن يفعل ذلك. ثم يجوز أن يعطيه إياه بعد ذلك أو يستطيب خاطره بعد ذلك ليتركه اختيارًا منه للمسلمين؛ لأنه مستحق له.

قال ابن الرفعة: وقد قضى بالسلب بعد ذلك للقاتل في غزوة حنين ولم يخمسه، وكان هذا حين كانت العقوبات بالأموال، ثم صار ذلك منسوخًا. وفيه أيضًا دليل على جواز القضاء في حال الغضب ونفوذه، وأن النهي عنه للتنزيه لا للتحريم، فلو قضى في حال الغضب نفذ.

قال الغزالي والبغوي وغيرهما: الكراهة في الحكم في حال الغضب هي فيما كان الغضب لغير الله تعالى، فأما إذا [كان] (١) الغضب لله وهو ممن يملك نفسه فيما يتعلق بحظه ولم يمنعه ذلك من استيفاء الحق لم يكره لحديث اللذين تخاصما في شراج الحرة فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "اسق ثم احبس الماء" (٢)، فقضى في حال غضبه ولم يكن غضبه لنفسه، ووجهه أن الغضب لله يؤمن معه التعدي بخلاف الغضب لحظ النفس. قال الرافعي: احتج جماعة بهذا الحديث على أن القاضي لو قضى في حال غضبه نفذ وإن كان مكروهًا.

(هل أنتم تاركوا لي أمرائي؟ ) بالمد والهمزة قبل الياء. قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ (تاركوا) بغير نون، وفي بعضها: (تاركون) بالنون، وهذا هو الأصل في قاعدة النحو، لكن حذفت تخفيفًا كما


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) سيأتي برقم (٣٦٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>