للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان الزهد واحتقار الدنيا وترك الاحتفال بها، ومن كان هذا حاله لم يعتن بمصالح الدنيا ولا بأموالها اللذين بمراعاتهما تنتظم مصالح الدين ويتم أمره، وقد كان أبو ذر أفرط في الزهد في الدنيا حتى انتهى به، الحال إلى أن قضى بتحريم جمع المال وإن أخرجت ذكاته، وكان يرى أنه الكنز الذي توعد الله عليه بكوي الوجوه والجنوب والظهور، فلما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - منه هذِه الحال نصحه كما سيأتي (وإني أحب لك) من أمور الدنيا والآخرة (ما أحب لنفسي) وهذا فيه تأكيد لعظم بذل النصيحة له كما في بذل نصيحة نفسه (فلا تأمرن) بفتح التاء والهمزة والميم المشددة والنون المشددة أصله تتأمرن فحذفت إحدى التاءين تخفيفًا. وفيه النهي الشديد عن الإمارة (على اثنين) فأكثر، وَغَلَّظَ الوَعِيدَ بقوله في رواية مسلم في الإمارة: "فإنها خزي وندامة" (١) أي: فضيحة قبيحة على من لم يؤد الأمانة حقها ولم يقم لرعيته برعايتها وهي ندامة يوم القيامة على من تقلدها وفرط فيها، أما من عدل فيها وأتى بالواجب وما يتعين عليه منها {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} (٢) (ولا تولين) بفتح التاء والواو المخففة واللام المشددة أصلها بنونين ثم حذفت إحدى النونين (مال يتيم) فيه النهي عن الولاية على أموال الأيتام لعظم خطرها وكثرة إثم وزرها إذا قصر؛ ولذلك امتنع كثير من العلماء من الدخول فيها (٣).


(١) "صحيح مسلم" (١٨٢٥).
(٢) النساء: (٦٩).
(٣) انظر "شرح مسلم" للنووي ١٢/ ٢١٠، "فتح الباري" ٣/ ٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>