للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إن أنا) في الحقيقة (إلا خازن) للمال الذي تحت يده (أضع) المال وأصرفه ويحتج به من لم ير الفيء ملكًا له - صلى الله عليه وسلم - قاله ابن تيمية (١) (حيث أمرت) رواه البخاري (٢) عن أبي هريرة أيضًا به فهو نظير قوله عليه السلام: "ما أعطيكم ولا أمنعكم أنا قاسم".

وفيه إشارة إلى التحذير من رؤية الوساطة أصلا في العطاء والمنع، فكما أن من وضع على ماله خازنًا ينفذ ما يأمره من عطاء من ماله أو منع، فإذا أمر الخازن بإعطاء شيء فدفعه امتثالًا لمالكه فلا يشكر حينئذٍ ولا يلام على عطاء ولا منع، بل الشكر المستحق للمالك الآمر فيه.

وأشار إلى أن الواهب والمهدي والمتصدق لا يرى أن له فضلًا على أحد فيرفع نفسه ويعظمها ويضع الآخر ويحتقره لكونه أعطاه، بل الفضل في الحقيقة للآخذ على المعطي، فإن المعطي منفذ لما أوقعه الله في قلبه من الإعطاء، وأن المعطي وإن كان نافعًا للآخذ في دنياه فالآخذ نافع للمعطي في إجزائه ونفع الآخرة أعظم من نفع الدنيا، لكن على الآخذ مع هذا أن يشكر المعطي ويدعو له ويثني عليه ويكون شكره ودعاؤه بحيث لا يخرجه عن كونه واسطة، لكنه الطريق في وصول النعمة إليه والطريق حق من حيث جعله الله طريقًا وواسطة، وذلك لا ينافي رؤية النعمة من الله لما روى الترمذي عن أبي سعيد: "من لم يشكر الناس لم يشكر الله". وقد أثنى الله على عباده في مواضع على أعمالهم وهو خالقها وفاطر القدرة عليها، كقوله تعالى: {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (٣).


(١) "مجموع الفتاوى" ٢٨/ ٢٦٨.
(٢) (٣١١٧).
(٣) ص: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>