للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يريد: لا حمى يباح إلا على معنى ما أباحه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى الوجه الذي حماه وفيه إبطال ما كان أهل الجاهلية يفعلونه من ذلك، فكان الرجل العزيز منهم إذا انتجع بلدا مخصبًا أوفى بكلب على جبل، أو نشز من الأرض ثم استعوى الكلب ووقف له من يسمع منتهى ما يعوي، فحيث انتهى صوته حماه، من كل ناحية لنفسه ومنع الناس منه، وهذا معنى كلام الشافعي في "مختصره" (١).

قال بعضهم: ليس للأئمة بعده أن يفعلوا ذلك لقوله: "لا حمى إلا لله ولرسوله" والصحيح الأول، ولأن عمر حمى السرف (٢) والربذة، وفي "النهاية" معناه: لا حمى إلا ما يحيى للخيل التي ترصد للجهاد، والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله وإبل الزكاة وغيرها، كما حمى عمر النقيع لإبل الصدقة والخيل المعدة في سبيل الله (٣). وذكر ابن وهب أن قدر الحمى ميل في ثمانية أميال، وأن أبا بكر حمى خمسة أميال في مثلها لما يحمل عليها في سبيل الله وكذلك عمر، وزاد عثمان في الحمى لما كثرت الإبل والبقر في أيامه في الصدقات.

قال: فمعنى الحديث: لا حمى لأحد يخص نفسه ويرعى فيه ماشيته


(١) انظر: "معالم السنن" ٣/ ٣٠٠ - ٣٠١ و"الأم" ٤/ ٤٧، و"تفسير غريب ما في الصحيحين" للحميدي ص (١٩٣)، و"شرح السنة" ٨/ ٢٧٥.
(٢) ذكره البخاري بلاغًا من بلاغات الزهري تحت (٢٣٧٠) وقال ابن حجر في "هدي الساري" ص ١٣١: وأما قوله: وحمى عمر السرف، قيل: الصواب بالشين المعجمة. وقال البكري: وهو ماء لبني باهلة أو بني كلاب، قال: وأما سرف الذي بقرب مكة فلا تدخله الألف واللام. وانظر: "الفتح" ٥/ ٤٥.
(٣) "النهاية" ١/ ٤٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>