للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا هو المشهور، وأغرب الذهلي في "أدب القضاء" فقال: لا يقول ذلك؛ لأنه لو قال: لا بينة لي. ثم أقامها لم يقبل منه. أي: على أحد الوجهين (فلم تكن له عليه بينة فاستحلف المطلوب) منه الحق، وهذا محمول على أن المدعي طالب يمينه، فإن الحاكم ليس له أن يستحلفه قبل مسألة المدعي وطلبه؛ لأن اليمين حق له فلم يجز استيفاؤها من غير مطالبة مستحقها كنفس الحق. فإن استحلفه الحاكم من غير مسألة (١) المدعي أو بادر المنكر فحلف لم يعتد بيمينه لأنه (٢) أتى بها في غير وقتها. وإذا سألها المدعي أعادها له؛ لأن الأولى لم تكن يمينه بكونها بغير طلبه. وظاهر الحديث في إطلاقه خلاف هذا (٣).

(فحلف) المطلوب منه اليمين (بالله الذي لا إله إلا هو) أنه ليس له عليه حق (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بلى، قد فعلت) ذلك وأنت كاذب في يمينك متعمدًا للكذب (ولكن قد غفر) الله تعالى (لك) ما فعلت (بإخلاص) أخلصته في (قول لا إله إلا الله) يعني أنه لما استحلفه فسأله أن يحلف بالله كان له أن يقتصر في يمينه بالله فقط، ويكفيه ذلك في سقوط الدعوى عنه، فلما زاد في يمينه (لا إله إلا هو) من تلقاء نفسه دون طلب دلت شهادته هذِه لله بالوحدانية على إخلاصه في سره لله تعالى، فإن الإخلاص في التوحيد يضاده التشريك في الإلهية، فلما نفى هذا الحالف التشريك في الإلهية كان إخلاصًا في التوحيد، وكل


(١) في (ر): مطالب والمثبت من "المغني".
(٢) سقط من النسخ الخطية، والمثبت من "المغني".
(٣) انظر: "المغني" لابن قدامة ١١/ ٤٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>