للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- صلى الله عليه وسلم - ينهى عن النذر) ولفظ البخاري (١): نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النذر. (ويقول) لفظ مسلم: "لا تنذروا؟ فإن النذر" إنه (٢) (لا يردُّ) من قدر الله (شيئًا) ومحل هذا النهي عن النذر أن يقول: إن شفى الله مريضي أو قدم غائبي فعليَّ عتقُ رقبةٍ أو صدقة كذا أو صوم كذا ووجه هذا النهي أنه لما وقف فعل هذِه القربة على حصول غرض دنيوي عاجل ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تعالى بما علق عليه النذر، بل سلك به مسلك المعاوضة إن فعل له فعل وإن لم يفعل له لم يفعل شيئًا، وهذِه حال البخيل، فإنه لا يخرج من ماله شيئًا إلا بعوض عما يخرجه. ويضاف إلى هذا اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب له حصول غرضه الدنيوي، وأن الله تعالى يفعل معه ذلك لأجل نذره الذي يخرج عنه بهذا العوض، وهذا خطأ صراح، والأول قريب من الكفر.

(وإنما) هو سبب (يستخرج به من) مال (البخيل) ما لم يخرجه لمولاه إلا بمشيئة الله، ومعناه: أن من الناس من لا يسمح بالصدقة والصوم إلا إذا نذر شيئًا لخوف أو طمع فكأنه لولا ذلك الشيء الذي طمع فيه أو خافه لم يسمح بإخراج ما نذره لله تعالى (٣)، وإذا تقرر هذا قيل: هذا النهي محمول على التحريم أو الكراهة، والمعروف من مذاهب العلماء


(١) "صحيح البخاري" (٦٦٠٨).
(٢) خلط الشارح هنا بين لفظي حديثين في "صحيح مسلم"، حديث ابن عمر (١٦٣٩) ولفظه: عن عبد الله بن عمر قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا ينهانا عن النذر ويقول: "إنه لا يرد شيئًا" الحديث، وحديث أبي هريرة (١٦٤٠) ولفظه: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا" الحديث.
(٣) انظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال ٦/ ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>