للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعني: أهل الكتاب ({فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ}) إن شئت {أَوْ أَعْرِضْ}) (١) أي: عن الحكم بينهم وهذا تخيير للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الحكم بين أهل الكتاب إذا تحاكموا إليه، إن شاء حكم وإن شاء ترك، وكان هذا هو الأصلح في أول الإسلام أن يردُّوا إلى أحكامهم إن شاؤوا، فلما قوي الإسلام نسخت هذِه الآية بما بعدها حيث قال: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ} قيل: هذا ناسخ للتخيير.

والمشهور عند المفسرين أنه خيَّره أولاً، فتساوى الأمران (٢)، ثم رجح ثانيًا بالندب في قوله: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ} دون إيجاب، ثم أوجب بالثاني قوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ}.

ومما يرجع أن الثاني هو أن الحكم هو الناسخ دون {فَاحْكُمْ} أن فيه ذكر العلة وهو {أَنْ يَفْتِنُوكَ} (٣) فإنَّه علة للحكم، والمعنى: أن أحكم بينهم جزماً بسرعة لئلا يفتنوك، فإن الدليل الذي فيه ذكر العلة مقدم على ما ليس فيه ذكر العلة.

[٣٥٩١] (ثنا عبد الله بن محمد النفيلي، ثنا محمد بن سلمة) بفتح السين أوله، واللام، ابن عبد الله المرادي، أخرج له مسلم (عن محمد بن إسحاق) صاحب "المغازي" (عن داود بن الحصين) القرشي.

(عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما نزلت) قوله تعالى: ({وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ}) كما تقدم ({وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ}) أي: العدل السواء، الآية إلى آخرها (وكان


(١) المائدة: ٤٢.
(٢) في (ل)، (م): الأمرين، والجادة ما أثبتناه.
(٣) المائدة: ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>