للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القسامة" (١) وهذا الحديث وإن كان ضعيف السند؛ لأنه من حديث مسلم ابن خالد الزنجي، ولا يحتج به، فمعناه صحيح، يشهد له: "شاهداك أو يمينه" (٢) وهذا الحديث قاعدة كبيرة من قواعد الشرع في أنه لا يقبل قول الإنسان فيما يدعيه بمجرد دعواه، بل يحتاج إلى بينة أو تصديق المدعى عليه.

وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - الحكمة في كونه لا يعطى بمجرد دعواه؛ لأنه لو أعطي بمجرد دعواه لادعى قوم دماء قوم وأموالهم، وهو أول حديث ابن عباس المذكور في الصحيحين (٣)، وفي هذا الحديث دلالة لمذهب الشافعي (٤) والجمهور (٥)، وأن اليمين تتوجه على كل من ادعي عليه، سواء كان بينه وبين المدعي اختلاط أم لا.

وقال مالك وجمهور أصحابه والفقهاء السبعة -فقهاء المدينة-: إن اليمين لا تتوجه إلا على من بينه وبينه خلطة؛ دفعا للمفسدة الناشئة من ذلك، وذلك أن السفهاء يتبذلون الأفاضل والعلماء بتكثير الأيمان عليهم مهما شاؤوا، حتى يحلف الرجل الجليل القدر في العلم والدين، ويهون على أهل الدين والفضل بذل الجزيل من المال في مقابلة الامتهان والابتذال (٦).

* * *


(١) "التمهيد" ٢٣/ ٢٠٤.
(٢) رواه مسلم (١٣٨/ ٢٢١).
(٣) "صحيح البخاري" (٤٥٥٢)، "صحيح مسلم" (١٧١١).
(٤) "الأم" ٨/ ٣٦.
(٥) انظر: "المبسوط" ١٧/ ٢٨، و"الكافي في فقه الإمام أحمد" ٤/ ٢٦٦.
(٦) "المدونة" ٤/ ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>