للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي: صد عنها بما وجد فيه من صفة السكر، كما أشير إليه في قوله تعالى: {وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ} (١) (خمر) اتفق أصحابنا على أن كل ما أسكر من جميع الأنبذة يسمى خمرًا، لكن قال أكثرهم: هو مجاز، وإنما حقيقة الخمر: عصير العنب. وقال بعضهم: هو حقيقة، وظاهر الأحاديث (وكل مسكر حرام) ولمسلم في رواية: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام" (٢) فنتج من هاتين المقدمتين: أن كل مسكر حرام، وشربه من الكبائر الموجبة للحد (ومن مات وهو) هذِه الواو واو الحال وجملة: هو (يشرب) في موضع نصب على الحال، أي: من مات حال شربه (الخمر) وكان (يدمنها) لفظ مسلم: "ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها" (٣)، وروى ابن حبان في "صحيحه" عن ابن عباس قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من لقي اللَّه مدمن خمر، لقيه كعابد وثن" (٤)، ومدمن الخمر هو الذي يعاقر شربها ويلازمه ولا ينفك عنه، وهذا تغليظ في أمرها وفي تحريمه والتحذير منه (لم يشربها في الآخرة) زاد البيهقي في روايته بلفظ: "لم يشربها في الآخرة وإن دخل الجنة" (٥). وظاهره تأبيد عدم الشرب وإن دخل الجنة، فيشرب جميع أشربة الجنة من ماء، وعسل، ولبن ولا يشرب الخمر، لكن مع ذلك لا يتألم لعدم شربها ولا يتنغص من فقدها، فإن الجنة محل مطهر منزه عن ذلك كله، وإنما


(١) المائدة: ٩١.
(٢) مسلم (٢٠٠٣/ ٧٥).
(٣) مسلم (٢٠٠٣/ ٧٣).
(٤) "صحيح ابن حبان" ١٢/ ١٦٧ (٥٣٤٧)، وضعفه محققه.
(٥) "شعب الإيمان" ٥/ ٦ (٥٥٧٣)، وهو في "السنن الكبرى" ٨/ ٢٨٨، ٢٩٣، وليس فيه: "وإن دخل الجنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>