وَالْفَسْخُ يَكُونُ (بِحُكْمٍ) مِنْ حَاكِمٍ (أَوْ تَرَاضٍ) مِنْهُمَا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمَا تَرَاضٍ بِهِ جَازَ لِأَحَدِهِمَا الرِّضَا بِمَا ادَّعَاهُ الْآخَرُ وَتَمَّ الْبَيْعُ بِهِ (ظَاهِرًا) عِنْدَ النَّاسِ (وَبَاطِنًا) عِنْدَ اللَّهِ، مَعْمُولَانِ لِ: " فَسْخٍ "، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ: أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ رُدَّتْ لَهُ السِّلْعَةُ بِالْفَسْخِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ وَلَوْ بِالْوَطْءِ فِي الْأَمَةِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالصَّحِيحُ، وَقِيلَ: ظَاهِرًا فَقَطْ. (كَنُكُولِهِمَا) فَإِنَّهُ يُفْسَخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ حُكِمَ بِهِ أَوْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ (وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ) مِنْهُمَا عَلَى النَّاكِلِ (وَبَدَأَ الْبَائِعُ) بِالْحَلِفِ عَلَى الْأَرْجَحِ، فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ. فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَقَضَى بِدَعْوَاهُ وَلَا يُرَاعَى الشَّبَهُ وَلَا عَدَمُهُ عِنْدَ الْقِيَامِ.
(وَإِنْ فَاتَتْ) السِّلْعَةُ بِحَوَالَةِ السُّوقِ، فَأَعْلَى، وَقِيلَ: قَبْضُهَا فَوْتٌ (فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ) هَذَا (إنْ أَشْبَهَ) أَشْبَهَ الْبَائِعَ أَمْ لَا، فَإِنْ حَلَفَ قُضِيَ لَهُ بِهِ وَإِلَّا حَلُفَ الْبَائِعُ كَمَا يَحْلِفُ ابْتِدَاءً إنْ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ، فَإِنْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَالْفَسْخُ يَكُونُ مِنْ حَاكِمٍ] : أَيْ وَتَعُودُ السِّلْعَةُ لِمِلْكِ الْبَائِعِ حَقِيقَةً ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، وَاشْتِرَاطُ الْحُكْمِ فِي الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقِيلَ: يَحْصُلُ الْفَسْخُ بِمُجَرَّدِ التَّحَالُفِ كَاللِّعَانِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِإِمْضَاءِ الْعَقْدِ بِمَا قَالَ الْآخَرُ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ ذَلِكَ لَا عِنْدَ مُقَابِلِهِ.
قَوْلُهُ: [وَبَدَأَ الْبَائِعُ بِالْحَلِفِ] : إنَّمَا بَدَأَ الْبَائِعُ بِالْيَمِينِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ مِلْكِهِ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي إخْرَاجَهُ بِغَيْرِ مَا رَضِيَ بِهِ.
(٤) قَوْلُهُ: [وَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ] : أَيْ يَبْدَأُ الْمُشْتَرِي أَوْ يَبْدَأُ الْبَائِعُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا حَلَفَ الْبَائِعُ] إلَخْ: حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ: أَنَّ فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ عِنْدَ قِيَامِ السِّلْعَةِ، وَأَمَّا مَعَ فَوَاتِهَا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ إنْ ادَّعَى الْأَشْبَهَ؛ أَشْبَهَ الْبَائِعَ أَمْ لَا، وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ مَا قَالَ الْمُشْتَرِي.
فَإِنْ انْفَرَدَ الْبَائِعُ بِالشَّبَهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينٍ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ مَا قَالَهُ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا وَفُسِخَ وَرُدَّتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ يَوْمَ بَيْعِهَا إنْ كَانَتْ مُقَوَّمَةً وَمِثْلُهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute