تُسْمَعْ دَعْوَاهُ كَأَظُنُّ) أَنَّ لِي عَلَيْهِ دِينَارًا، لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُدَّعِي بِهِ وَلَوْ قَالَ: أَظُنُّ ظَنًّا قَوِيًّا. وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْبَاتَّ يَعْتَمِدُ فِي يَمِينِهِ عَلَى الظَّنِّ الْقَوِيِّ فَذَاكَ فِي الْيَمِينِ وَمَا هُنَا فِي الدَّعْوَى. وَإِذَا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ لَمْ يَطْلُبْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابٌ. (إلَّا أَنْ يَنْسَى السَّبَبَ) : أَيْ يَدَّعِي نِسْيَانَهُ فَيُعْذَرَ بِذَلِكَ، وَتُسْمَعَ دَعْوَاهُ؛ فَيُطْلَبُ الْجَوَابُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لَا أُبَيِّنُهُ، أَوْ لَا أَعْرِفُهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَأَظُنُّ أَنَّ لِي عَلَيْهِ دِينَارًا] : مِثَالٌ لِلْمَعْلُومِ الْغَيْرِ الْمُحَقَّقِ وَتَقَدَّمَ مِثَالُ الْمَجْهُولِ فِي قَوْلِهِ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ.
قَوْلُهُ: [فَذَاكَ فِي الْيَمِينِ وَمَا هُنَا فِي الدَّعْوَى] : وَقَدْ يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْ الظَّنِّ فِي الْيَمِينِ الظَّنُّ فِي الدَّعْوَى. فَالْإِشْكَالُ بَاقٍ وَالْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ (بْن) وَالْحَاشِيَةِ جَوَابٌ آخَرُ أَوْضَحُ مِنْ هَذَا وَهُوَ أَنَّ مَا هُنَا طَرِيقَةٌ. وَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَى الِاتِّهَامِ الْمُفِيدِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ مُحَقَّقًا طَرِيقَةٌ أُخْرَى، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كُلِّ الْخِلَافِ فِي تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَوَجُّهُهَا وَالْمُعْتَمَدُ مَا يَأْتِي، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَذِكْرُ الْمُصَنِّفِ هَذَا الشَّرْطَ وَتَقْيِيدَهُ بِدَعْوَى الِاتِّهَامِ فِيهِ نَوْعُ تَنَاقُضٍ وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا قَوْلُهُ فِي الْحَاشِيَةِ بَاحِثًا مَعَ الْخَرَشِيِّ فِيهِ أَنَّ دَعْوَى الِاتِّهَامِ تَرْجِعُ لِلظَّنِّ أَوْ الشَّكِّ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مَشَى هُنَا عَلَى قَوْلٍ وَهُنَاكَ عَلَى قَوْلٍ.
قَوْلُهُ: [لَمْ يُطْلَبْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابٌ] : أَيْ وَسَوَاءٌ بَيَّنَ السَّبَبَ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ. وَمُقَابَلَةُ مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى بِمَجْهُولٍ لَمْ يُقْبَلْ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ، فَإِنْ بَيَّنَ السَّبَبَ أَمَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ إمَّا بِتَعْيِينِهِ أَوْ الْإِنْكَارِ، قَالَ (شب) فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ لِلْمُدَّعِي بِشَيْءٍ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَعْلَمَ قَدْرَ الَّذِي يَدَّعِي بِهِ وَيَقُولُ شَيْئًا وَيَأْبَى مِنْ ذِكْرِ قَدْرِهِ وَفِي هَذِهِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ اتِّفَاقًا. الثَّانِيَةُ أَنْ يَدَّعِيَ جَهْلَ الْمُدَّعَى بِهِ وَتَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَرِينَةٌ كَشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِأَنَّ لَهُ حَقًّا لَا يَعْلَمُونَ قَدْرَهُ وَفِي هَذِهِ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ اتِّفَاقًا. الثَّالِثَةُ أَنْ يَدَّعِيَ جَهْلَ قَدْرِهِ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةِ قَرِينَةٍ بِذَلِكَ فَهِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ الَّذِي اخْتَارَ فِيهِ الْمَازِرِيُّ سَمَاعَ الدَّعْوَى بِهِ (اهـ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute