(وَيُتَّهَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) : هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ نَاظِرٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: " وَبَيَّنَ السَّبَبَ " الدَّاخِلَ تَحْتَ: " وَإِلَّا " إلَخْ: أَيْ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ - إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ نِسْيَانَهُ أَوْ يَتَّهِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَأَظُنُّ أَنَّك سَرَقْت لِي كَذَا أَوْ: غَصَبْتَهُ مِنِّي، أَوْ: فَرَّطْتَ فِيهِ حَتَّى تَلِفَ - فَتُسْمَعَ دَعْوَاهُ وَيَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُتَّهَمِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ إذَا أَنْكَرَ الْمُتَّهَمُ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ: " أَظُنُّ " إلَخْ فِيهِ ذِكْرُ السَّبَبِ، لَكِنْ لَا عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ بَلْ الظَّنِّ. فَالسَّرِقَةُ مَثَلًا سَبَبٌ لِلْمُدَّعَى بِهِ لَكِنَّهُ مَظْنُونٌ لَا مُحَقَّقٌ. وَجَعَلْنَا بَيَانَ السَّبَبِ مِنْ بَيَانِ صِحَّةِ الدَّعْوَى، هُوَ الرَّاجِحُ. وَقِيلَ: لَيْسَ هُوَ مِنْ تَمَامِ صِحَّتِهَا؛ وَقَوْلُهُ: " وَبَيَّنَ فِي الْمَالِ السَّبَبَ " مَفْهُومُهُ: أَنَّ غَيْرَ الْمَالِ لَا يُبَيَّنُ فِيهِ سَبَبٌ كَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَذْكُرَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ يَأْمُرُ الْقَاضِي (مُدَّعًى عَلَيْهِ) : وَهُوَ مَنْ (تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ) شَرْعِيٍّ: كَالْأَمَانَةِ، فَإِنَّهُ عُهِدَ شَرْعًا أَنَّ رَبَّهَا مُصَدَّقٌ فِي قَوْلِهِ، كَالْوَدِيعِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ (أَوْ أَصْلٍ)
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ] : أَيْ الْكَائِنُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَنْسَى السَّبَبَ أَوْ يَتَّهِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَكَذَا ظَاهِرُ حِلِّهِ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِمَفْهُومٍ مُحَقَّقٍ وَبَيَانِ السَّبَبِ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ، فَإِنَّ الِاتِّهَامَ عَائِدٌ عَلَى مَفْهُومِ مُحَقَّقٍ وَنِسْيَانَ السَّبَبِ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ بَيَانٍ. فَتَأَمَّلْ. فَقَدْ عَلِمْت بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُمَا طَرِيقَتَانِ أَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: [كَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ] : فَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا الطَّلَاقَ فَلَا تُسْأَلُ عَنْ بَيَانِ السَّبَبِ.
وَقَوْلُهُ: [وَالنِّكَاحِ] : أَيْ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ الزَّوْجِيَّةَ لِلْآخَرِ فَلَا يَلْزَمُ بَيَانُ السَّبَبِ.
قَوْلُهُ: [عَلَى مَا تَقَدَّمَ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ.
وَقَوْلُهُ: [أَنَّ رَبَّهَا] : الْمُرَادُ بِهِ مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ.
قَوْلُهُ: [فِي قَوْلِهِ] : مُتَعَلِّقٌ بِمُصَدِّقٍ. وَقَوْلُهُ: [كَالْوَدِيعِ] : وَمَا بَعْدَهُ أَمْثِلَةٌ لِلْأَمَانَةِ أَيْ فَالْوَدِيعُ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ شَرْعِيٍّ حَيْثُ قَالَ: رَدَدْت الْوَدِيعَةَ أَوْ مَالَ الْقِرَاضِ أَوْ ثَمَرَ الْحَائِطِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute