للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ سِرٌّ سَرَى لَهُ مِنْ سَيِّدِ الْكَائِنَاتِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا تَرَقَّى لِوَلِيٍّ لِحَالٍ إلَّا رَأَى الْحَالَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ حَسَنًا، إلَّا نَقْصًا؛ وِرَاثَةً مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي حَتَّى أَسْتَغْفِرَ اللَّهَ سَبْعِينَ مَرَّةً» وَهُوَ غَيْنُ أَنْوَارٍ لَا غَيْنُ أَغْيَارٍ فَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَرَقَّى فِي أَحْوَالِ الْمَعَالِي فَمَتَى تَرَقَّى لِحَالٍ رَأَى الْحَالَ الْمَنْقُولَ عَنْهُ نَقْصًا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَالِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ، فَيَسْتَغْفِرُ مِنْهُ وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِهِمْ: حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ.

(وَمِنْهَا التَّفَكُّرُ فِي دَقَائِقِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُوَصِّلُ لِمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ) : كَمَا وَقَعَ لِلْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَمَنْ تَبِعَهُمْ (وَمِنْهَا مُرَاقَبَةُ اللَّهِ) التَّفَكُّرُ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَجَلَالِهِ (عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى

ــ

[حاشية الصاوي]

فَحِمَانَا كَالسَّمَا وَسَمَا ... مَا رَقَاهُ غَيْرَ أَوَّابِ

دُونَهُ قَطْعُ الرِّقَابِ فَقُمْ ... أَيُّهَا السَّارِي عَلَى الْبَابِ

قَوْلُهُ: [وَذَلِكَ سِرٌّ سَرَى] : أَيْ التَّرَقِّي فِي الْمَقَامَاتِ.

قَوْلُهُ: [إلَّا نَقْصًا] : الصَّوَابُ حَذْفُ إلَّا.

قَوْلُهُ: [حَتَّى أَسْتَغْفِرَ اللَّهَ] : أَيْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ كَمَا وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى.

قَوْلُهُ: [وَهُوَ غَيْنُ أَنْوَارٍ] : أَيْ حَجْبُ أَنْوَارٍ يَزِيدُ بَعْضُهَا فِي النُّورِ عَلَى بَعْضٍ، فَحِينَ يَعْلُو لِمَقَامِ الْأَنْوَارِ يَسْتَغْفِرُ مِنْ الْأَنْقَصِ نُورًا؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ سَبْعِينَ أَلْفَ حِجَابٍ مِنْهَا مَا هُوَ نُورَانِيٌّ وَمِنْهَا مَا هُوَ ظَلْمَانِيٌّ، فالظلمانية هِيَ حَجْبُ الْأَغْيَارِ وَلَيْسَتْ مُرَادَةً؛ لِأَنَّهَا لِغَيْرِ الْوَاصِلِينَ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الشَّاذِلِيُّ نَقْلًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ رَآهُ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لَهُ مَا مَعْنَى قَوْلِك فِي الْحَدِيثِ إنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي فَقَالَ غَيْنُ أَنْوَارٍ لَا غَيْنَ أَغْيَارٍ يَا مُبَارَكُ.

قَوْلُهُ: [وَهُوَ غَيْنُ أَنْوَارٍ] : لَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ بَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لَهُ.

قَوْلُهُ: [وَمِنْهَا] : أَيْ مِنْ الْبَاطِنِيَّةِ قَوْلُهُ: [التَّفَكُّرُ فِي دَقَائِقِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ] إلَخْ: أَيْ عَلَى طِبْقِ الْقَوَاعِدِ الْعَقْلِيَّةِ وَالنَّقْلِيَّةِ.

قَوْلُهُ: [وَمِنْهَا مُرَاقَبَةُ] : أَيْ مِنْ الْبَاطِنِيَّةِ أَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>