للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نسوق فكرةً لا نقطع فيها برأى باتٍّ، وإنما نعرضها ولعل هناك من يستطيع تبيان الحقيقة - وما هي بالتافهة - سواءٌ أكان ذلك التبيان بالنفي أو التأييد، تلك الفكرة هي أَننا نلمح في أُسرة ابن حجر نسبًا قريبا لا يمتّ بصلة إلى أحد الرأيين اللذين جاءَ بهما أبو المحاسن ثم من بعده السيوطي، وهو نسب كرديّ ربما كان هو الآخر مسلسلا من أصل عربي. وللتدليل على ذلك نقول إن السخاوى يذكر أن شيخه ابن حجر ردّ أصله في كتابه "صفة النبيّ" إلى جد سمَّاه "أحمديل" في قوله: "هو أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد بن أحمديل (١) "، وقد لاحظنا أن هذا الاسم - وهو أحمديل - يرد في ترجمة عم ابن ابن حجر واسمه "شعبان بن محمد". وورود هذه النسبة عند ابن حجر نفسه وبقلمه ذاته وعند السخاوى دليل على أن أحد جدود هذه الأُسرة كان يسمى "بأَحمديل"، وهو إسم كردى صريح لا شبهة في كرديته، وليس ابن حجر - وهو النَّسابة الثقة - بمن ينتحل لأحدٍ قبيلةً ليس له فيها عرق.

ولا شك أن "أحمد يل"، إسمٌ يتردّد في أسماء الأَكراد، وحسبنا أن نشير إلى رجلٍ يحمل هذا الاسم في عصر نور الدين محمود بن زنكي وهو "أحمديل (٢) بن إبراهيم"، حاكم أذربيجان الذي سماه أمدروز Amedroz - ناشرُ ذيل تاريخ دمشق - بالأمير "الكردى (٣) "، ثم جاء من بعد ذلك العالمان: الانجليزي سير هاملتون جب Sir.h. Gibb الذي ترجم إلى الإنجليزية مقتطفات من تاريخ ابن القلانسي تتعلق بالحرب الصليبية الأولى، ولم يتعرّض (٤) لتخطئة ابن القلانسي أو لنقد أمدروز، ثم جاء مسيو "روجيه لي تورنو " Tourneau r.le. فسكت (٥) كما سكت من قبل الأستاذ جب، وسكوت هذين المستشرقين الكبيرين بل عدم تعرّضهما بالتشكك في صحة الاسم عند ابن القلانسي أو النعت عند "أَمدروز" يعدّ قبولًا منهما لنسبة "أحمديل"، إلى الأكراد، فإذا تقرّر ذلك في الأَذهان، وصحَّت معه إشارة ابن حجر بخطه إلى هذا الاسم في


(١) السخاوى: الجواهر والدرر، ورقة ١٣ ب.
(٢) ابن القلانسي ذيل تاريخ دمشق، ص ١٧٤.
(٣) ابن القلانسي: ذيل تاريخ دمشق، فهرس الأعلام، ص ٣٦٦.
(٤) Gibb: Damascus Chronicle، p. ١١٤.
(٥) Roger Le Tourneau : Damas de ١٠٧٥ à ١١٥٤، pp. ١٠٦، ١٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>