للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نسبه في "صفة النبيّ" برزت في بؤرة الترجيح فكرة العِرق الكرديّ في أسلاف ابن حجر، ومن الثابت تاريخيا أنه كَثُر وفود الأَكراد إلى بلاد الشام ومصر وفلسطين زمن نور الدين زنكي وصلاح الدين الأَيوبى مِن بعده، وكان وفودهم في هجراتٍ ظلّت تترى إلى مصر على وجه الخصوص - ويأخذ بعضها بحجز البعض الآخر مدة تقرب من الأعوام الثمانين الأولى من حكم الدولة الأيوبية (١)، كما أن في المصادر والوثائق المملوكية دلائلَ صريحة على أن بعض القبائل الكردية قد استقر بها المقام في بلاد الشام وفلسطين كجاليات حربية (٢)، ولا يستبعد والحال هذه أن تكون ثمت أُسرة تدعى بأُسرة "أحمد يل"، ترجع لأصل عربي قديم قد وفدت إلى فلسطين مع مَن وفد، وإلى عسقلان بالذات، ثم تناست اسمها الكردى، كما لا يُستبعد أَن يكون ابن حجر قد آثر الصمت عن هذه النسبة في عصر المماليك الجراكسة الذي كاد يخلو من جنس الكرد.

* * *

أما عن أسرة ابن حجر فليس بين أيدينا مراجع أو إشارات وافية دقيقة عنها، ولكنّ هناك نتفا قلائل مبعثرة في ثنايا كتب التراجم والمعاجم نستطيع - بضمّ بعضها إلى بعض - أن نكوّن صورة - قد تكون تقريبية - عن هذه الأُسرة، وكيف أن بعض - أفرادها شغلوا مراكز دينية في مصر، وكيف أن البعض الآخر اتخذ التجارةَ وسيلةً للرزق، وانصرفوا بها انصرافًا غير مبتور ولا مجزوءٍ عن التدخل في الشئون السياسية يومذاك، فلم يلحقهم من العنت والاضطهاد والمصادرة والتنكيل ما لحق بالغير مما تفيض به حوليات تلك الفترة.

فيحدثنا ابن حجر عن عم أبيه عثمان بن محمد بن علي العسقلاني المعروف بابن البزاز، وأنه سكن الاسكندرية، ومهر في الإفتاءِ على مذهب الشافعي حتى صارت إليه رياسة هذا المذهب في الثغر: وحتى نعته فخر الدين بن عمرو بأنه "مفتى الثغر وفقيه الشافعية في زمانه"، كما تفقه به جماعة ممّن نبه الجيل باسمهم في الحديث والفقه كالدمنهورى وابن الكويك (٣).


(١) Ayalon: The Wafidiya in the Mamluk Kingdom (١٩٥١)،pp.٨٩، ٩٨ - ٩٩.
(٢) Cf. Poliak: Feudalism in Egypt، Syria، Palestine and the Lebanon(١٢٥٠ - ١٩٠٠).
(٣) ابن حجر: المعجم المفهرس (لندن) ورقة ٨٧ أ، والدرر الكامنة ج ٢ رقم ٢٦٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>