في ليلة السبت ثالث عشره، واتفق في هذا اليوم اجتماع نوروز وشيخ بحمص وفرَّ إليهما جمعٌ كبير.
ونادى النَّاصر أَن لا يرحل أَحدٌ قبله، فبلغه أَن واحدا رحل قبله فركب بنفسه ووُسِّط بحضرته، ونصب مشنقةً يُذهَب بها معه، فما وصل إلى غزة حتَّى قتل عدّة من الغلمان بسبب ذلك، فلما نزل بغزّة وسَّط عشرين نفسًا من الظاهريّة وهو لا يعقل من السكْر فنفر أَكثر العسكر منه، فبلغه تلك الساعة أَن الجاليش الذي تقدّمه خامر عليه فركب وجدَّ في طلبهم.
وكان أُمراءُ الجاليش وصلوا إلى دمشق في سادس عشرى ذي الحجّة فدخلوا إلى تغرى بردي في غاية المرض فأَعلموه بسوء سيرة الناصر وخَوْفِهم منه واجتماع كلمتهم على اللحاق بالأَميرين، وتوجهوا في آخر الشهر إلى جهتهما فخالفهم شاهين الزردكاش فقبضوا عليه، وجَدَّ الناصر في السير فلم يلحقهم فأَلبس عسكره وقد ظهرت عليه علامات الخذلان، فرحل إلى دمشق فدخلها وقْت الزوال من سلخ السنة، وكان بعد ذلك ما سنذكره من حوادث السنة الآتية.
* * *
وفي هذه السنة مات السلطان "الملك المنصور" ويقال له الصالح حاجي بن الأَشرف بن حسين ابن الناصر، وكان مقيًا بالدور السلطانية في قلعة الجبل منذ خلَعه الظاهر من سنة اثنتين وتسعين إلى أَن مات في تاسع عشر شوّال بعد أَن تعطلت حركة يديه ورجْليه منذ سنين، وعاش أَزيد من أَربعين سنة.
قال العينتابي:"كان شديد البأْس على جواريه لسوء خلقه من غلبة السوداء عليه، ولم يزل مشغولا باللهو والسكر".
* * *
وفيها قَتل من الظاهرية ما بين أَمير وخاصكي وغيرهما نحوًا من سبعمائة رجل أَراد