للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَلف دينار، فذكر أَن ماله تحت حوطة الجنويّين فقبض [الناصر] على تُجّارهم بالإسكندرية فغضبوا وساروا بمراكبهم إلى أَلطينة فسبوا نساءً وصبيانًا وكانت بينهم وقعة كبيرة، فخرجت طائفةٌ من أَهل دمياط لنجدتهم، وكبيرُهم محي الدين بن النحاس (١) وكان ملازمًا للجهاد بثغر دمياط وفيه فضيلة تامة، وجمع كتابا حافلًا في أحوال الجهاد وقُتل في المعركة مقبلًا غير مدبر، وغنم الفرنج من أَهل الطينة مالا كثيرا ثم مضوا.

* * *

وفى ذي القعدة في ثانى عشرين منه نازل الفرنج أَلطينة أَيضا في أَربعة أَغربة، فقاتلهم المسلمون قتالًا عظيمًا إلى الليل، فمضى الفرنج إلى الساحل المقدم فنهبوا ما وجدوا فيه ورجعوا من الغد إلى القتال، فقدم في الحال غراب للمسلمين فاحْتاط به الفرنج، فأَلقى مَن فيه مِن المسلمين أَنفسهم إلى البحر فنجوا إلى البرّ بالسَّباحة، ثم وافى الناس من دمياط مقاتلة فتكاثر المسلمون على الفرنج واستعادوا منهم الغراب المذكور بعد قتالٍ شديد، فانهزم الفرنج وقُتل بعضهم، ولله الحمد.

* * *

وفي جمادى الأُولى أَمر السلطان بهدم مدرسة الأَشرف شعبان بن حسين التي على باب القلعة وجدَّ الهدم فيها وكانت من أَعظم الأَبنية، وكان جمال الدين قد اشترى من أَولاد الأَشرف كثيرًا من الآلات التي بُنيَتْ (٢) بها لأَن الأَشرف مات قبل أَن تكمل فبسط يده في تحويل ما بها، فأَخذ الشبابيك والأَبواب والبوّابة وكثيرًا من الحجارة حتى الكتب الموقوفة فاستعان بالجميع في مدرسته.


(١) هو أحمد بن إبراهيم بن محمد محيى الدين الدمشقيّ ثم الدمياطى المجاهد ويعرف بابن النحاس، خرج من دمشق أثناء فتنة تيمورلنك واستوطن دمياط، وكانت له معرفة طيبة بالفرائض والحساب والهندسة، وكان مع علمه لا يحب الظهور، وكان كثير المرابطة والجهاد حتى قتل شهيدًا في هذه المعركة التي يشير إليها ابن حجر في المتن، وكانت شهادته في ١٣ جمادي الآخرة، انظر السخاوى: الضوء اللامع ج ١ ص ٢٠٣ - ٢٠٤، ومن العجيب أن ابن حجر لم يترجم له في وفيات هذه السنة، وقد لاحظ ذلك السخاوى فأشار إلى إلى أن شيخه ذكره في الحوادث فقط دون الوفيات، واسترعى ذلك انتباه قارئ نسخة، فكتب له ترجمة بالهامش، أوردناها فيها بعد ص ٤٩٥ حاشية رقم ١.
(٢) في هـ" بقيت".