للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي طويلة.

١٩ - على بن سيف (١) بن علي بن سليمان، الشيخ نور الدين اللواتي الأَصل الإنباري النحوى المصرى نزيل دمشق، وُلد سنة بضعٍ وخمسين بالقاهرة ونشأَ بغزَّة يتيمًا فقيرا فحفظ "التنبيه"، ثم دَخَل دمشق فعرضه على التّاج السبكي فقرره في بعض المدارس واستمرّ بدمشق، وأَخذ عن العُنَّابي وغيره، ومهر في العربية وشغل الناس بدمشق، وأَدّب أَولاد ابن الشهيد، وقرأَ عليه "التيسيره"، وسمع من الكمال بن حبيب وابن أَميلة وغيرهما، وكان خازن كتب السميساطية وحصّل كثيرًا من الوظائف والكتب، وفاق في حِفْظ اللغة، وعنى بالأُصول فقرًا "مختصر ابن الحاجب" دروسًا على المشايخ، وأَكْثَرَ مطالعة كتب الأَدب فصار يستحضر من الأَنساب والأَشعار والأَخبار شيئًا كثيرًا، ولم يتزوّج قط، ثم نُهب جميع ما حَصّله في فتنة اللنك.

وكان عارفًا بأيّام النَّاس حسن الخطِّ كثير الانجماع، دخل القاهرة بعد الكائنة العظمى فأَقام بها وحَصَّل كتبًا، ثم قدم دمشق ثم رجع فعظَّمَهُ تمراز - وكان يومئذٍ نائبًا - وتعصّب له ففوّض له مشيخة البيبرسية بعد موت شيخها فعارضه جمال الدين الأُستادار وانتزعها منه لأَخيه شمس الدين أَلبيرى، ثم قرره في تدريس الشافعي (٢) بعد موت جلال الدين بن أَبي البقاء، فعارضه جمال الدين أَيضا وانتزعها منه لأَخيه وعوّضه تدريس الشيخونية فدرّس بها يومًا واحدًا ثم نزل لى عنها بمال واستمرّ على الجماعه، وحدّث بالبيبرسية بـ "سنن أَبي داود" و "جامع الترمذي" عن ابن أَميلة وبغير ذلك، وحدّث بالفصيح بسماعه من ابن حبيب، وسمعْتُ منه يسيرًا، وكان فقير النَّفس شديد الشكوى، وحصل له شيء اشترى به كتبا، ثم تحوّل بما جمعه إلى دمشق في هذه السنة.

وذكر لنا القاضي علاء الدين أَنه قرأَ عليه جزءً جمعه شيخه العنَّابي في الفعل المتعدّى والقاصر وأَنه لم يستوعبه كما ينبغي، قال: "وذكر أَن في الإصبع إحدى عشرة لغة، فأَنشدته


(١) "سند" في الشذرات ٧/ ١٠٧، وهي بلا تنقيط في هـ.
(٢) الوارد في الضوء اللامع ٥/ ٧٧٠ أنه قرره في مشيخه الصلاحية المجاورة الشافعي.