للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان مِمَّن قام مع جكم لمّا تسلْطَن فنقم عليه الناصر ذلك وقَبَضَ عليْه ثم هرب ثم رضى عليه وولَّاه قضاء حلب في سنةِ تسع وثمانمائة، ثم امتُحن في سنة ثلاث عشرة وأُحْضر إلى القاهرة، ثم رضى عنه النَّاصر وولَّاه تدريس الجماليّة بعد موْت مدرّسها محمود بن الشيخ زادة، ثم ولَّاه قضاء الحنفيّة بالقاهرة وهو بدمشق في الحصار، فلمّا دالت دولةُ النَّاصر أُعيد ابن العديم لقضاء الدّيار المصرية، واستقر ابن الشحنة في قضاءِ حلب وأُعطى تداريس بدمشق، وتوجّه صحبة النائب فمات في يوم الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر، وكان قد نزل عن وظائفه بالقاهرة لصدْر الدين بن الأَدمى، ونزل صدْر الدين له عن وظائفه بدمشق (١).

وكان كثير الدعوى والاستحضار عالى الهمّة، وعمل تاريخًا لطيفًا فيه أوْهامٌ، وله نظم فائق وخطٌّ رائق، وعاش خمسًا وخمسين (٢) سنة؛ ومِن نظْمه:

سَاقِي المُدام دعِ المُدَام فكُلُّ ما … فِي الكأْس من وصْفِ المُدَامَةِ فِيكَا

فِعْلُ المُدَام ولوْنُها ومَذَاقُها … في مُقْلَتَيْكَ وَوَجْنَتَيْك وفيكا

وله:

أسِيرُ بالجَرْعَا أسِيرًا ومِن … هَمّى لا أعْرفُ كيف الطَّريق

في مُنْحنَى الأَضْلُع وَادِى الغَضا … وفوْقَ سَفْح الخَدِّ وَادى العَقيْق

وقرأتُ في ذيل تاريخ حلب للقاضى علاء الدين: أنه باشر قضاء دمشق مرة أيام كان شيخ نائبًا بها. . وألَّف (٣) يسيرا وشرح "الكشَّاف" ولكنه ما أكمله، وعمل لأجْل ابنه مختصرًا في الفقه غايةً في الاقتصار لكنه فُقد.


(١) جاء في هامش هـ بخط البقاعي: "حدثني ولده الإمام العلامة القاضي محب الدين محمد كاتب السر بالقاهرة أن شخصا من المباشرين في ديوان النيابة بحلب يسمى عبد الرحمن بن الصاحب حدثه أنه وجب على شخص مكس فألزموه به فحمل منهم جماعة فلم يقبل منهم، ثم قال حمل على والدكم. فيه فقلت إن عليه خمسين دينارًا، فقلت اختر لنفسك إما أن أضمن لله عليَّ الله أن يأتيك اليوم بخمسين دينارًا من وجه [حلال] وتطلقه باختيارك وإما أن الزمك بإطلاقه كرها، فقلت: إني أختار الأول، فقال: إذهب فقد ضمنت لك ذلك"، فما مضى ذلك اليوم حتى جاءني وكيل لي بخمسين دينارًا فقال: هذه فائدة من الصابونى العلائى الصابون كان لي"، فقال: فأحضرتها إلى والدك وبشرته بذلك فحمد الله". قاله إبراهيم البقاعي.
(٢) في ث "وستين".
(٣) من هنا حتى "ابن عبيد الله بمصر" س ٤ من الصفحة التالية غير وارد في كل من هـ، ث.