للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يتصرّف إلَّا بأمْره، فلما انهزم النَّاصر وغلَب شيخ استمرّ به وقام بالأَمر على عادته إلى أن نكبهُ في شوال سنة خمس عشرة وثماني مائةٍ واستمرّ إلى أن مات.

قرأت بخط الشيخ تقي الدين المقريزي: "كان لفتح الله فضائل جمّة غَطَّاها شُحّه حتى اختَلق عليه أعداؤه معايب فبرَّأه الله منها، فإنِّى صحْبتُه مدةً طويلة تزيد على العشرين ورافقتْه سَفَرًا وحضرًا فما علمْتُ عليْه إلَّا خيْرًا، بل كان من خَيْر أهل زمانه رصانةَ عقل وديانةً وحسنَ عبادةٍ وتألُّهٍ ونُسْكٍ ومحبَّةٍ للسّنَّةِ وأهلها وانقيادٍ إلى الحق، مع حُسْن سفارةٍ بيْن النَّاس وبين السلطان والصّبْر على الأذى وكثرة الاحتمال والتؤدة وجوْدة الحافظة، وكان يُعابُ بالشحّ (١) بجاهه وبماله فإنّه كان يخذُلُ صديقه أحوجَ ما يكون إليْه، وقد جوزىَ بذلك فإنَّه لما نُكِب هذه المرّة تخلَّى عنه كلُّ أحدٍ حتى عن الزيارة فلم يجِدْ معينًا ولا مغيثًا، فلا حوْل ولا قوّة إلا بالله".

٢٥ - فضلُ بن عيسى بن رمْلة بن جماز أمير آلِ عليّ، كان مِمَّنْ نَصر برقوق لما خرج من الكرك فصار وجيهًا عنده ولم يزلْ إلى أن قَتَلَهُ نوروز في ذي القعدة، ووَلِيَ الإمرة خمسًا وثلاثين سنة.

٢٦ - محمد بنُ إبراهيم بن عبد الحميد بن علي المرغانى (٢) نزيلُ مكة، اشتغلَ بالأدب ونظْم الشِّعر وفاق، وكان به صَمَمٌ؛ وكان لذكائه يُدْرِكُ ما يُكتب له في الهواء وما يُكتب في كَفِّه بالإصبع ليلًا. مات بمكة وقد جاوز السّتين؛ وقد حاكاه في ذلك صاحبنا عبد الرحمن (٣) بن على الحلبيّ الأصل سبْطُ الشيخِ أبي أُمامة بن النِّقاش.


(١) في هـ "بالشح بماله".
(٢) (٢) في هـ، ك "الموعائى"، وفي ز "الموعانى" ولكنه الموغانى في الضوء اللامع ج ٤ ص ٩٤ س ٢٦، ثم "الموغاتى" في نفس المرجع ٦/ ٨٧٧، والوارد فيه أنه مات سنة ٨١٠.
(٣) هو عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن عثمان الأنصاري الخزرجي، سبط ابن النقاش، ولد بالقاهرة سنة ٧٨٤، ودرس الحديث والنحو والفقه، ولما بلغ مرض مرضا خرج منه بالصمم، وذكر عنه السخاوى في الضوء اللامع ٤/ ٢٧٨ أنه "لم يكن يسمع ألبتة، بل كان من أراد تحديثه يحرك له بإصبعه على كمه أو على كفه من داخل كمه بحيث لا يرى، أو على ظهره بملامسته الإصبع الجسده، كل ذلك كهيئة من يكتب فيفهم به مراده"، وكان موته سنة ٨٥٥.