للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ولى القضاء ببلده فباشر بشهامة وتَركَ مراعاة أهل الدولة فتعصبوا عليه حتى عُزِل، وقد أراقَ في مباشرته الخمور وأزال المنكرات وألزمَ اليهود بتغيير عمائهم، ثم بَعْد عزْلِه أقبل على الاشتغال والنَفْع للناس إلى أنْ مات.

٣٠ - محمد بن محمد بن سلَّام (١) الاسكندرانى ثم المصرى نزيل جزيرة الفيل، ناصرُ الدين، أحدُ التجار الكبار بالقاهرة صَاهرَ البرهان المحلِّى (٢) على ابنته فعَظُم أمْره، ثم لمَّا مات خلف أموالًا عظيمة فتصرّف في أكثرها محبّ الدين المشير وغيره وتمزَّقت أمواله؛ وكان عمّر دارًا جليلة بجزيرة الفيلَ فاستأْجرها القاضي (٣) ناصر الدين البارزي وشيّدها وأتقنها وأضاف إليها مبانِيَ عظيمةً إلى أن صارت دار مملكةٍ أقام بها الملكُ المؤيّدُ مدّة، ثم بعد ذلك عادَتِ الدار إلى أصحابها وفرق بين المساكن، ومات في أول هذه السنة.

٣١ - محمد بن محمد بن عثمان الدمشقى، القاضي شمس الدين الإخنائي السّعدى، كان يذكر أنَّه من ذريّة شاور وزير الفاطميين؛ وُلد سنة سبعٍ وخمسين واشتغل قليلًا سبع وناب في الحكم عن البرهان بن جماعة بدمشق (٤) في بعض البلاد ثم ناب بدمشق، ثم ولى قضاء حلب - في سنة سبع وسبعين - عوضًا عن ناصر الدين خطيب بَعْرين نحو سنتين، ثم [قَضاء] دمشق في الأيّام الظاهرية ثم النَّاصرية، ثم وَلى قضاء الديار المصرية مرارًا، ثم أخْرَجَه جمال الدين الأُستادار إلى دمشق فوِلِي قضاءها مرارًا ثم امتُحن مرارًا.

وكان شكلًا ضخْما حسنَ الملتقى كثير البِشر والإحسان للطلبة، عارفا بجمْع المال، كثيرَ البذْل على (٥) الوظائف والمدارة للأكابر، وكان قليل البضاعة في الفقه وربما افتُضِح في بعض المجالس لكنه كان يَسْتُر دلك بالبذْل والإحسان. اجتمعْتُ به عند [يلبغا] السالمي وعند


(١) وردت مضبوطة هكذا في هـ، وكذلك في الضوء اللامع ٩/ ٢٣٣.
(٢) راجع الجزء الثاني من إنباء الغمر ص ٢٧٠، ترجمة رقم ١.
(٣) ساقطة من هـ.
(٤) لعله يريد "الشام".
(٥) من هنا حي ص ٣٦، س ١٥ ساقط من نسخة ك.