للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن عليّ بن يوسف بن عبد الكريم عن ناصر الدين محمد بن إِسماعيل الفارقي عن ابن أَبي الذكر الصقلي عن الزبيدي عن أَبى الوقت، وهذا الإِسناد أَيضًا أَظنه مما اختلق بعضه، وذلك أَن الكرماني - الذي شرح البخاريّ - هو (١) محمد بن يوسف بن عبد الكريم، وهو ذكر في مقدمة "شرح البخاري" أَنه سمع "البخارى" من جماعةٍ منهم الفارقي المذكور بالإِسناد المذكور، فإِن كان الهرويّ صادقًا فيكون أَخَذَه عن أَخيه. على أَنه كان للكرماني أَخ اسمهُ عليّ.

ثم قال بعضُ خواصّ السلطان: "ينبغى أَن يفتنح السلطان المصحف فأَوّل شيء يخرج يقع الكلام فيه" فأَحضر مصحفًا فتناوله السلطان بيده ففتحه فخرج قوله تعالى (٢): ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ الآية، فتكلَّموا في معاني "لو"، فبدر من الشيخ همام الدين الخوارزمي شيخ الخانقاه بالجمالية - وكان قد حضر مع الهرويّ - حمية له لأَنه كان يذكر أَن الهرويّ قرأَ عليه وكان الهرويّ قد صاهرهُ على ابنته، فتعصّب الهمام للهروى على البلقيني، وكان عزْمهم (٣) أَنهم إِذا أَغضبوه (٤) يتغيّر مزاجُه لما عرفوا مِنْ سرعةِ انْفعاله وعدم صبَرِهِ على الضَّيْم، فتواصوا على أَن يغضبوه، فكلَّمه الهمام بكلام أَزعجه فقال (٥): "مثلك يقول لمثْلى هذا؟ " فقال: "نعم، أَنا أَفضل منك ومن كل شيء، فبدر كاتبه (٦) وقال:


(١) أمامها في هامش هـ بخط البقاعي "في المائة الثامنة لشيخنا صاحب هذا التاريخ أنه محمد بن يوسف بن علي وهو الصواب".
(٢) قرآن كريم، سورة فاطر ٣٥: ٥٤. ثم جاء أمام هذا الخبر في هامش ث تعليقة هي: "قال الفقير الحقير الراجي رحمة ربه على الله تعالى عنه قد [يستفاد] من كون هذه الآية الشريفة خرجت في أول فتح السلطان المصحف الشريف، وهو أحد من ظلم منهم في هذا المجلس شر وبه فسر هذه الآية، فإن كان العالم المصريون كما يومى إليه كلام العيني فيهما تقدم عبرة يمتحن بها، ثم كونهم ظلموا هذا الرجل الفريد العالم الوارد عليهم أو كان العالم هو بما ذكر عن نفسه وتكلف ولم يظهر خشوع الغرباء وخضوعهم واستكانهم ودعوى ما لا يحل فيه مما ليس فيه ولا هو فيه على عادة العجم كله يقرب إليه بل يصرح به كلام شيخ الإسلام العيني . والله أعلم بذلك".
(٣) في هـ "غرضهم".
(٤) أي إذا أغضبوا البلقيني.
(٥) أي البلقيني.
(٦) أي ابن حجر.