للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَدبار ولم يَلْوِ أَحدٌ على أَحد، فقبض المأْسورون في الحال علَى مَن أَسروهم واستعادوا ما نُهب منهم، ورَجع الناهب منهوبًا والغالب مغلوبًا، وأُسر إِينال الصصلاني وجرباش قاشق وتمنتمر واقبغا النظامي وجماعةٌ، واستمر السلطان إِلى حلب والأَسارى بين يديه مشاة في الأَغلال والقيود فطَلع القلعة. واستمرّ قانباى في هزيمته إِلى جهة أَعزاز، فلقيه بعضُ التركمان فأَمّنه وأَنزله عنده ثم غدر به وقَبض عليه وأَحضره إِلى السلطان، فأَمر به وبإِينال الصصلاني وبكباشة وتَمنتَمر فقُتِلوا وأُرْسِلتْ رءُوسهم إِلى القاهرة فعلّقَتْ على باب زويلة، ثم أَرسل بها إِلى الإِسكندرية فطيف بها، وفرّ سودون مِن عبد الرحمن وطرباى وغيرهما فنجوا؛ وقَرّر السلطانُ آقباى الدويدار نائب حلب، وجار قطلى في نيابة حماة، ويشبك - مشدَّ الشربخاناه - في نيابة طرابلس.

وفى مدة إِقامة السلطان بحماة قدم عليه أَبو يزيد بن قرايلك بهديّةٍ من أَبيه وتهنئةٍ له بالنَّصر على أَعدائه، فأَكرم مورده وردّه إِلى أَبيه ومعه هدية مكافأَة على هديته.

* * *

وفيها فرَّ كزل نائبُ ملطية إِلى التركمان خوفًا من السلطانِ، فإِنَّه قد وافق قانباى على العصيان عليه؛ وعَزَم السلطانُ على الإِقامة بحماة بقية السّنة لحسْم مادَّةِ الفِتنَ والقبْضِ على مَنْ تسحّب من النوّاب الذين خامروا وهم: كزل نائبُ ملطية وسودون من عبد الرحمن نائب طرابلس وطرباي نائب غزة، ثم فَتُر عَزْمه عن الإِقامة وأَرْسل طوغان نائب صفد إِلى القاهرة على تقدمة أَلف، وأَذِن له في سفر البحيرة لتحصيل شيءٍ يكون عوْنًا له على تجديد ما نُهِب له في الوقعة.

وكانت الوقعة في رابع عشر شعبان، واستمرّ المؤيّد يقفو أَثر المنهزمين إِلى قلعة الأَثارب (١)

قبات بها ثم أَصبح فدَخل إِلى حلب وأَقام بحلب إِلى ثانى عشرين شوّال.

* * *


(١) أجمع الجغرافيون العرب على أنها من القلاع الحصينة ببلاد الشام وهى على بعد ثلاثة فراسخ من حلب، وتقع في الطريق بينها وبين أنطاكية وإن كانت إلى الأولى أقرب منها إلى الثانية، وكانت تعرف عند الصليبين باسى Cerep ، راجع في ذلك.٤٠٣. Le Strange : op. cit. p وقد تعقب الطوبوغرافي الفرنسي. Dussaud op. cit .p. ٢١٩ et suiv تطور اسمها في التاريخ فهي Tirabou عند الفراعنة القدامى زمن الأسرة الثامنة، وهي Litarbe في العصر الرومانى، ومعنى هذا أنها بوتقة الحضارات مختلفة.