للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى ثانى عشر المحرّم نقلت الشمس إِلى برج الحمل فدخل فصلُ الربيع، وابتدأَ الطاعون بالقاهرة فبلغ في نصف صفر كل يوم مائة نفس، ثم زاد في آخره إِلى مائتين وكَثُر ذلك حتى كان يموتُ في الدّار الواحدة أَكثرُ من فيها؛ وكثر الوباءُ بالصّعيد والوجه البحرى حتى قيل إِن أَكثر أَهلِ هُوّ (١) هلكوا، [وكثر] في طرابلس حتى قيل إِنه مات بها في عشرة أَيام عشرة آلاف نفس.

وبلغ عددُ الأَموات بالقاهرة في ربيع الأَوّل ثلاثمائة في اليوم، ثم في نصِفْه بلغوا خمسمائة، وفي التحقيق بلغوا الألف لأَنّ الذين يُضبَطون إِنما هم من يَرد الديوان، وأَما من لا يرد الديوان فكثير جدا (٢).

وماتت ابنتاى عالية وفاطمة وبعضُ العيال، وكان كل من طُعِن مات عن قربٍ إِلَّا النادر. وتواتر انتشار الطاعون في البلاد حتى قيل إِن أَهل أَصبهان لم يَبْق منهم إِلَّا النادر؛ وأَن أَهل فاس أَحصوا من مات منهم في شهر واحد فكان ستةً وثلاثين أَلفا حتى كادت البلد أَن تخلو من أَهلها، وتصدّى الأُستادار لموارات الأَمْواتُ.

ثمّ ابتدأَ الموتُ بالنَّقص في نصف ربيع الأَول إِلى أَن انتهى في أَول ربيع الآخر إِلى مائةٍ وعشرين، ثم بلغ في تاسعهِ إِلى ثلاثةٍ وعشرين؛ وتزايد الموتُ بدمشق وكان ابتداؤه عندهم في ربيع الأَوّل فبلغت عدة من يموت في ربيع الآخر في اليوم ستين نفسا، ثم بلغ مائتين في أَواخره، ثم كثر في جمادى الآخرة بها؛ وكذلك وقع في القدس وصفد وغيرها، ثم ارتفع في آخر ربيع الأَول فنزل في الثالث والعشرين منه إِلى أَحد عشر نفسًا.

* * *


(١) من قرى صعيد مصر، انظر القاموس الجغرافي لمحمد رمزى، ق ٢، ج ٤، ص ١٩٩.
(٢) انظر حسن حبشي: الاحتكار المملوكي.