للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه قدم مفلح - رسول صاحب اليمن - بهدية جليلة إِلى الملك المؤيّد فأَكرم مورده، وأَمر أَن تباع الهديَةُ وتصرف في عمارة المؤيّدية، فحُصِّلَ من ثمنها جملةٌ مستكثرة؛ وعُيّن كاتبه (١) للتوجّه إِلى اليمن في الرسلية عن السطان فاستعْفَى من ذلك فأُعْفِيَ.

وعمل الملك المؤيّد الخدمة في ديوان دار العدل، ورتّب الجند في القلعة ما بين الباب الأَوّل إِلى باب الدار المذكورة قيامًا في هيئة جميلة مهولة، وطَلب قاصدَ صاحبِ اليمن فأُحضر فرآي (٢) ما يهال، وقَدَّم الكتابَ الواصلَ صحبته ثم أَحضر الهديّة بعد ذلك على ثمانيةِ جمال، وخُلعت عليه خلعة سنية.

* * *

وفيها مات أَحمد (٣) بن رمضان أَمير التركمان وكان قديمَ (٤) الهجرة في الإِمارة، وقد تقدّم (٥) في حوادث سنة خمس وثمانين قبل أَخيه إِبراهيم واستمراره إِلى هذه الغاية، وكان معه أَدنة وإياس وسيس وما ينضمّ إِلى ذلك، وكان يطيع أَمراءَ حلب طورًا ويعصى عليهم طورًا، وقدم على الناصر فرج سنة ثلاث عشرة فخلع عليه وتزوّج ابنته وردّه إِلى بلاده مكرما.

* * *

وفى الثاني عشر من المحرّم قُرّر تقيُّ الدين عبدُ الوهّاب بن أَبي شاكر في الوزارة، وكانت بيده مباشرةُ النظر على ديوان سيدى إِبراهيم بن السلطان فقَبِل الوزارة بعْد تمنُّعٍ شديدٍ، وكانت [الوزارة] شاغرةً منذ سفر السلطان في العام الماضي فباشرها مباشرةً حسنة.

وفى أَواخر المحرم جمع السلطانُ الصّناعَ من الحجَّارين وأَمرهم أَن يقطعوا العمارةِ ما يَحتاجون إِليه لجامعه داخل باب زويلة من مكانٍ عيّنه تحت دار الضيافة، وأَقام هناك يومًا كاملًا.


(١) أي ابن حجر: نفسه.
(٢) الضمير هنا عائد على مفلح رسول صاحب اليمن.
(٣) كان أحمد بن رمضان التركماني هذا يعرف بالأجقى، وسترد ترجمته رقم ٢ في وفيات هذه السنة، ص ١٠٣.
(٤) ذلك أنه تولاها حوالى سنة ٧٨٠ وبذلك يكون له فيها ما يقرب من أربعين سنة.
(٥) راجع ما سبق، إنباء الغمر، ج ١ ص ٢٧٩.