الذي استعمل الوتد إلى قوص، ومات الكاتب عن قرب بالمارستان، وبرئت ساحة جقمق عند السلطان ولم يتغير ما بينه وبين الطنبغا الصغير لتحققه كذب ابن الدربندي. واشتد غضب جقمق من طائفة العجم، فرسم عن إذن السلطان بتسييرهم إلى بلادهم، وشدد في ذلك حتى ألزم من بالخوانق وبالمدارس بالسفر فضجوا وتعصب لهم الهروي وغيره، ولم يزالوا يستعطفون السلطان إلى أن أهمل أمرهم.
وفي ثامن جمادى الآخرة قدم فخر الدين الأستادار من الصعيد وصحبته عشرون ألف رأس من الغنم سوى ما تلف وألف وثلاثمائة رأس رقيق وثلاثة آلاف رأس بقر وتسعة آلاف رأس جاموسة ومن القند والعسل شيء كثير جداً، فقوم عليه جميع ذلك بمائة ألف دينار والتزم بالقيام بها، ثم بعد مجيئه من الصعيد خلفته هوارة في ألف فارس وألفي راجل فكبسوا على سودون القاضي الكاشف، وكان عنده حينئذ ينال الأزعري أحد مقدمي الألوف فتواقعوا، فبلغ ذلك السلطان فأرسل نجدة عظيمة فيها جقمق الدويدار وططر رأس نوبة والطنبغا المرقبي وقطلوبغا التنمي في جمع كثير، فتوجهوا فوجدوا الأميرين قد انتصرا وقد قتل منهم جماعة، وكانت الدائرة على هوارة فانهزموا، وحمل منهم عشرون رأساً إلى القاهرة. ثم وصل الأمراء فتتبعوا هوارة إلى أن أوقعوا بهم أيضاً، فقتلوا منه نحو الخمسين وهرب باقيهم إلى الواحات الداخلة وتركوا حريمهم وأموالهم، فغنموا منهم شيئاً كثيراً، وقدموا القاهرة في ثامن شعبان وصحبتهم ألفا جمل واثنا عشر ألف رأس غنم سوى ما تلف وسوى ما توزعه الأمراء وأتباعهم، وجهز أزدمر الظاهري أحد المقدمين في عدة من العسكر للإقامة ببلد الصعيد بسبب العربان المفسدين.
وفيها مات إبراهيم ابن الدربندي صاحب بلاد الدشت، فتوجه قرا يوسف في ستة آلاف فارس إلى شماخي، فواقعه ابن إبراهيم في عساكر الدشت فهزمه وقتل منهم ناس كثير، وتوجه ابن تمر لنك إلى جهة تبريز لمحاربة قرا يوسف، فاشتغل قرا يوسف بما دهمه